الباحث القرآني
﴿كَيْفَ﴾ تَكْرِيرٌ لِاسْتِنْكارِ ما مَرَّ مِن أنْ (p-46)يَكُونَ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ حَقِيقٌ بِالمُراعاةِ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحانَهُ وعِنْدَ رَسُولِهِ ﷺ وأمّا ما قِيلَ مِن أنَّهُ لِاسْتِبْعادِ ثَباتِهِمْ عَلى العَهْدِ فَكَما تَرى؛ لِأنَّ ما يُذْكَرُ بِصَدَدِ التَّعْلِيلِ لِلِاسْتِبْعادِ عَيْنُ عَدَمِ ثَباتِهِمْ عَلى العَهْدِ لا أنَّهُ شَيْءٌ يَسْتَدْعِيهِ، وإنَّما أُعِيدَ الِاسْتِنْكارُ والِاسْتِبْعادُ تَأْكِيدًا لَهُما وتَمْهِيدًا لِتَعْدادِ العِلَلِ المُوجِبَةِ لَهُما لِإخْلالٍ تَخَلَّلَ ما في البَيْنِ مِنَ الِارْتِباطِ والتَّقْرِيبِ، وحَذْفُ الفِعْلِ المُسْتَنْكَرِ لِلْإيذانِ بِأنَّ النَّفْسَ مُسْتَحْضِرَةٌ لَهُ مُتَرَقِّبَةٌ لِوُرُودِ ما يُوجِبُ اسْتِنْكارَهُ، لا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا كَما في قَوْلِهِ:
؎ وخَبَّرْتُمانِي أنَّما المَوْتُ بِالقُرى فَكَيْفَ وهاتا هَضْبَةٌ وقَلِيبُ
فَإنَّهُ عِلَّةٌ مُصَحِّحَةٌ لا مُرَجِّحَةٌ، أيْ: كَيْفَ يَكُونُ لَهم عَهْدٌ مُعْتَدٌّ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى وعِنْدَ رَسُولِهِ ﷺ؟! ﴿وَإنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾ أيْ: وحالُهم أنَّهم إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ، أيْ: يَظْفَرُوا بِكم ﴿لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ﴾ أيْ: لا يُراعُوا في شَأْنِكُمْ، وأصْلُ الرَّقُوبِ النَّظَرُ بِطَرِيقِ الحِفْظِ والرِّعايَةِ، ومِنهُ الرَّقِيبُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في مُطْلَقِ الرِّعايَةِ، والمُراقَبَةُ أبْلَغُ مِنهُ كالمُراعاةِ، وفي نَفْيِ الرَّقُوبِ مِنَ المُبالَغَةِ ما لَيْسَ في نَفْيِها.
﴿إلا ولا ذِمَّةً﴾ أيْ: حِلْفًا، وقِيلَ: قَرابَةً ولا عَهْدًا، أوْ حَقًّا يُعابُ عَلى إغْفالِهِ مَعَ ما سَبَقَ لَهم مِن تَأْكِيدِ الأيْمانِ والمَواثِيقِ، يَعْنِي: أنَّ وُجُوبَ مُراعاةِ حُقُوقِ العَهْدِ عَلى كُلٍّ مِنَ المُتَعاهِدَيْنِ مَشْرُوطٌ بِمُراعاةِ الآخَرِ لَها فَإذا لَمْ يُراعِها المُشْرِكُونَ فَكَيْفَ تُراعُونَها؟! عَلى مِنوالِ قَوْلِ مَن قالَ:
؎ عَلامَ تَقْبَلُ مِنهم فَدِيَةً وهم ∗∗∗ لا فِضَّةً قَبِلُوا مِنّا ولا ذَهَبا؟
وَقِيلَ: الإلُّ مِن أسْماءِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، أيْ: لا يُراعُوا حَقَّ اللَّهِ تَعالى. وقِيلَ: الجِوارُ ومَآلُهُ الحِلْفُ؛ لِأنَّهم إذا تَماسَحُوا وتَحالَفُوا رَفَعُوا بِهِ أصْواتَهم لِتَشْهِيرِهِ، ولَمّا كانَ تَعْلِيقُ عَدَمِ رِعايَةِ العَهْدِ بِالظَّفَرِ مُوهِمًا لِلرِّعايَةِ عِنْدَ عَدَمِهِ كَشَفَ عَنْ حَقِيقَةِ شُئُونِهِمُ الجَلِيَّةِ والخَفِيَّةِ بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنافِ، وبَيَّنَ أنَّهم في حالَةِ العَجْزِ أيْضًا لَيْسُوا مِنَ الوَفاءِ في شَيْءٍ، وأنَّ ما يُظْهِرُونَهُ مُداهَنَةٌ لا مُهادَنَةٌ، فَقِيلَ: ﴿يُرْضُونَكم بِأفْواهِهِمْ﴾ حَيْثُ يُظْهِرُونَ الوَفاءَ والمُصافاةَ، ويُعِدُونَ لَكم بِالإيمانِ والطّاعَةِ، ويُؤَكِّدُونَ ذَلِكَ بِالأيْمانِ الفاجِرَةِ، ويَتَعَلَّلُونَ عِنْدَ ظُهُورِ خِلافِهِ بِالمَعاذِيرِ الكاذِبَةِ، ونِسْبَةُ الإرْضاءِ إلى الأفْواهِ لِلْإيذانِ بِأنَّ كَلامَهم مُجَرَّدُ ألْفاظٍ يَتَفَوَّهُونَ بِها مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لَها مِصْداقٌ في قُلُوبِهِمْ ﴿وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ﴾ ما يُفِيدُهُ كَلامُهم ﴿وَأكْثَرُهم فاسِقُونَ﴾ خارِجُونَ عَنِ الطّاعَةِ، فَإنَّ مُراعاةَ حُقُوقِ العَهْدِ مِن بابِ الطّاعَةِ، مُتَمَرِّدُونَ لَيْسَتْ لَهم مُرُوءَةٌ رادِعَةٌ، ولا عَقِيدَةٌ وازِعَةٌ، ولا يَتَسَتَّرُونَ كَما يَتَعاطاهُ بَعْضُهم مِمَّنْ يَتَفادى عَنِ الغَدْرِ ويَتَعَفَّفُ عَمّا يَجُرُّ أُحْدُوثَةَ السُّوءِ.
{"ayah":"كَیۡفَ وَإِن یَظۡهَرُوا۟ عَلَیۡكُمۡ لَا یَرۡقُبُوا۟ فِیكُمۡ إِلࣰّا وَلَا ذِمَّةࣰۚ یُرۡضُونَكُم بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَتَأۡبَىٰ قُلُوبُهُمۡ وَأَكۡثَرُهُمۡ فَـٰسِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق