الباحث القرآني
﴿كالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ التِفاتٌ مِنَ الغَيْبَةِ إلى الخِطابِ لِلتَّشْدِيدِ، والكافُ في مَحْلِ الرَّفْعِ عَلى الخَبَرِيَّةِ، أيْ: أنْتُمْ مِثْلُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكم مِنَ الأُمَمِ المُهْلَكَةِ، أوْ في حَيِّزِ النَّصْبِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أيْ: فَعَلْتُمْ مِثْلَ فِعْلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِكم.
﴿كانُوا أشَدَّ مِنكم قُوَّةً وأكْثَرَ أمْوالا وأوْلادًا﴾ تَفْسِيرٌ وبَيانٌ لِشَبَهِهِمْ بِهِمْ وتَمْثِيلٌ لِحالِهِمْ بِحالِهِمْ ﴿فاسْتَمْتَعُوا﴾ تَمَتَّعُوا، وفي صِيغَةِ الِاسْتِفْعالِ ما لَيْسَ في صِيغَةِ التَّفَعُّلِ مِنَ الِاسْتِزادَةِ والِاسْتِدامَةِ في التَّمَتُّعِ ﴿بِخَلاقِهِمْ﴾ بِنَصِيبِهِمْ مِن مَلاذِّ الدُّنْيا، واشْتِقاقُهُ مِنَ الخَلْقِ بِمَعْنى التَّقْدِيرِ، وهو ما قُدِّرَ لِصاحِبِهِ ﴿فاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكم كَما اسْتَمْتَعَ﴾ الكافُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أيِ: اسْتِمْتاعًا كاسْتِمْتاعِ ﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِكم بِخَلاقِهِمْ﴾ ذَمَّ الأوَّلِينَ بِاسْتِمْتاعِهِمْ بِحُظُوظِهِمُ الخَسِيسَةِ مِنَ الشَّهَواتِ الفانِيَةِ والتِهائِهِمْ بِها عَنِ النَّظَرِ في العَواقِبِ الحَقَّةِ، واللَّذائِذِ الحَقِيقِيَّةِ؛ تَمْهِيدًا لِذَمِّ المُخاطَبِينَ بِمُشابِهَتِهِمْ إيّاهم واقْتِفائِهِمْ أثَرَهم ﴿وَخُضْتُمْ﴾ أيْ: دَخَلْتُمْ في الباطِلِ ﴿كالَّذِي خاضُوا﴾ أيْ: كالَّذِينَ بِإسْقاطِ النُّونِ، أوْ كالفَوْجِ الَّذِي، أوْ كالخَوْضِ الَّذِي خاضُوهُ.
﴿أُولَئِكَ﴾ إشارَةٌ إلى المُتَّصِفِينَ بِالأوْصافِ المَعْدُودَةِ مِنَ المُشَبَّهِينَ والمُشَبَّهِ بِهِمْ لا إلى الفَرِيقِ الأخِيرِ فَقَطْ، فَإنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ حُبُوطُ أعْمالِ المُشَبَّهِينَ وخُسْرانُهم مَفْهُومَيْنِ ضِمْنًا لا صَرِيحًا، ويُؤَدِّي إلى خُلُوِّ تَلْوِينِ الخِطابِ عَنِ الفائِدَةِ، إذِ الظّاهِرُ حِينَئِذٍ أُولَئِكُمْ، والخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أوْ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لِلْخِطابِ، أيْ: أُولَئِكَ المَوْصُوفُونَ بِما ذُكِرَ مِنَ الأفْعالِ الذَّمِيمَةِ ﴿حَبِطَتْ أعْمالُهُمْ﴾ لَيْسَ المُرادُ بِها أعْمالَهُمُ المَعْدُودَةَ - كَما يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ عَنْهم بِاسْمِ الإشارَةِ، فَإنَّ غائِلَتَها غَنِيَّةٌ عَنِ البَيانِ - بَلْ أعْمالَهُمُ الَّتِي كانُوا يَسْتَحِقُّونَ بِها أُجُورًا حَسَنَةً لَوْ قارَنَتِ الإيمانَ، أيْ ضاعَتْ وبَطَلَتْ بِالكُلِّيَّةِ، ولَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْها أثَرٌ.
﴿فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ بِطَرِيقِ المَثُوبَةِ والكَرامَةِ، أمّا في الآخِرَةِ فَظاهِرٌ، وأمّا في الدُّنْيا فَلِأنَّ ما يَتَرَتَّبُ عَلى أعْمالِهِمْ فِيها مِنَ الصِّحَّةِ والسَّعَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ - حَسْبَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: (مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهم فِيها وهم فِيها لا يُبْخَسُونَ) لَيْسَ تَرَتُّبُهُ عَلَيْها عَلى طَرِيقَةِ المَثُوبَةِ والكَرامَةِ، بَلْ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْراجِ.
﴿وَأُولَئِكَ﴾ أيِ: المَوْصُوفُونَ بِحُبُوطِ الأعْمالِ في الدّارَيْنِ ﴿هُمُ الخاسِرُونَ﴾ الكامِلُونَ في الخُسْرانِ في الدّارَيْنِ، الجامِعُونَ لِمَبادِئِهِ وأسْبابِهِ طُرًّا، فَإنَّهُ قَدْ ذَهَبَتْ رُءُوسُ أمْوالِهِمُ الَّتِي هي أعْمالُهم فِيما ضَرَّهم ولَمْ يَنْفَعْهم قَطُّ، ولَوْ أنَّها ذَهَبَتْ فِيما لا يَضُرُّهم ولا (p-82)يَنْفَعُهم لَكَفى بِهِمْ خُسْرانًا، وإيرادُ اسْمِ الإشارَةِ في المَوْضِعَيْنِ لِلْإشْعارِ بِعِلِّيَّةِ الأوْصافِ المُشارِ إلَيْها لِلْحُبُوطِ والخُسْرانِ.
{"ayah":"كَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ كَانُوۤا۟ أَشَدَّ مِنكُمۡ قُوَّةࣰ وَأَكۡثَرَ أَمۡوَ ٰلࣰا وَأَوۡلَـٰدࣰا فَٱسۡتَمۡتَعُوا۟ بِخَلَـٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَـٰقِكُمۡ كَمَا ٱسۡتَمۡتَعَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُم بِخَلَـٰقِهِمۡ وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِی خَاضُوۤا۟ۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











