الباحث القرآني
﴿إنَّما النَّسِيءُ﴾ هو مَصْدَرُ (نَسَأهُ) إذا أخَّرَهُ نَسَأً ونَساءً ونَسِيئًا، نَحْوُ: مَسَّ مَسًّا ومِساسًا ومَسِيسًا، وقُرِئَ بِهِنَّ جَمِيعًا، وقُرِئَ بِقَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً وتَشْدِيدِ الياءِ الأُولى فِيها، كانُوا إذا جاءَ شَهْرٌ حَرامٌ وهم مُحارِبُونَ أحَلُّوهُ، وحَرَّمُوا مَكانَهُ شَهْرًا آخَرَ حَتّى رَفَضُوا خُصُوصَ الأشْهُرِ، واعْتَبَرُوا مُجَرَّدَ العَدَدِ، ورُبَّما زادُوا في عَدَدِ الشُّهُورِ بِأنْ يَجْعَلُوها ثَلاثَةَ عَشَرَ، أوْ أرْبَعَةَ عَشَرَ؛ لِيَتَّسِعَ لَهُمُ الوَقْتُ ويَجْعَلُوا أرْبَعَةَ أشْهُرٍ مِنَ السَّنَةِ حُرُمًا، ولِذَلِكَ نُصَّ عَلى العَدَدِ المُعَيَّنِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، أيْ: إنَّما تَأْخِيرُ حُرْمَةِ شَهْرٍ إلى شَهْرٍ آخَرَ ﴿زِيادَةٌ في الكُفْرِ﴾ لِأنَّهُ تَحْلِيلُ ما حَرَّمَهُ اللَّهُ وتَحْرِيمُ ما حَلَّلَهُ، فَهو كَفْرٌ آخَرُ مَضْمُومٌ إلى كُفْرِهِمْ ﴿يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ضَلالًا عَلى ضَلالِهِمُ القَدِيمِ، وقُرِئَ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ مِنَ الأفْعالِ عَلى أنَّ الفِعْلَ لِلَّهِ سُبْحانَهُ، أيْ: يَخْلُقُ فِيهِمُ الضَّلالَ عِنْدَ مُباشَرَتِهِمْ لِمَبادِئِهِ وأسْبابِهِ، وهو المَعْنِيُّ عَلى القِراءَةِ الأُولى أيْضًا، وقِيلَ: المُضِلُّونَ حِينَئِذٍ رُؤَساؤُهُمْ، والمَوْصُولُ عِبارَةٌ عَنْ أتْباعِهِمْ، وقُرِئَ (يَضَلُّ) بِفَتْحِ الياءِ والضّادِ مِن ضَلَّلَ يُضَلِّلُ و(نُضِلُّ) بِنُونِ العَظَمَةِ﴿يُحِلُّونَهُ﴾ أيِ: الشَّهْرَ المُؤَخَّرَ ﴿عامًا﴾ مِنَ الأعْوامِ ويُحَرِّمُونَ مَكانَهُ شَهْرًا آخَرَ مِمّا لَيْسَ بِحَرامٍ ﴿وَيُحَرِّمُونَهُ﴾ أيْ: يُحافِظُونَ عَلى حُرْمَتِهِ كَما كانَتْ، والتَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّحْرِيمِ بِاعْتِبارِ إحْلالِهِمْ لَهُ في العامِ الماضِي، أوْ لِإسْنادِهِمْ لَهُ إلى آلِهَتِهِمْ كَما سَيَجِيءُ ﴿عامًا﴾ آخَرَ، إذا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَغْيِيرِهِ غَرَضٌ مِن أغْراضِهِمْ.
قالَ الكَلْبِيُّ: أوَّلُ مَن فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِن كِنانَةَ يُقالُ لَهُ: نُعَيْمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وكانَ إذا هَمَّ النّاسُ بِالصَّدَرِ مِنَ المَوْسِمِ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، ويَقُولُ: لا مَرَدَّ لِما قَضَيْتُ، وأنا الَّذِي لا أُعابُ ولا أُجابُ، فَيَقُولُ لَهُ المُشْرِكُونَ: لَبَّيْكَ، ثُمَّ يَسْألُونَهُ أنْ يَنْسَئَهم شَهْرًا يُغَيِّرُونَ فِيهِ، فَيَقُولُ: إنَّ صَفَرَ العامَ حَرامٌ، فَإذا قالَ: ذَلِكَ حَلُّوا الأوْتارَ، ونَزَعُوا الأسِنَّةَ والأزِجَّةَ، وإنْ قالَ: حَلالٌ، عَقَدُوا الأوْتارَ، وشَدُّوا الأزِجَّةَ، وأغارُوا.
وَقِيلَ: هو جُنادَةُ بْنُ عَوْفٍ الكِنانِيُّ، وكانَ مُطاعًا في الجاهِلِيَّةِ، كانَ يَقُومُ عَلى جَمَلٍ في المَوْسِمِ، فَيُنادِي بِأعْلى صَوْتِهِ: إنَّ آلِهَتَكم قَدْ أحَلَّتْ لَكُمُ المُحَرَّمَ فَأحِلُّوهُ، ثُمَّ يَقُومُ في العامِ القابِلِ فَيَقُولُ: إنَّ آلِهَتَكم قَدْ حَرَّمَتْ عَلَيْكُمُ المُحَرَّمَ فَحَرِّمُوهُ، وقِيلَ: هو رَجُلٌ مِن كِنانَةَ يُقالُ لَهُ: القَلَمَّسُ، قالَ قائِلُهُمْ:
؎ ومِنّا ناسِئُ الشَّهْرِ القَلَمَّسْ
وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: أوَّلُ مَن سَنَّ النَّسِيءَ عُمَرُ بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفٍ، والجُمْلَتانِ تَفْسِيرٌ لِلضَّلالِ، أوْ حالٌ مِنَ المَوْصُولِ، والعامِلُ عامِلُهُ.
﴿لِيُواطِئُوا﴾ أيْ: لِيُوافِقُوا ﴿عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ﴾ مِنَ الأشْهُرِ الأرْبَعَةِ، واللّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالفِعْلِ الثّانِي، أوْ بِما يَدُلُّ عَلَيْهِ بِمَجْمُوعِ الفِعْلَيْنِ ﴿فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ﴾ بِخُصُوصِهِ مِنَ الأشْهُرِ المُعَيَّنَةِ ﴿زُيِّنَ لَهم سُوءُ أعْمالِهِمْ﴾ وقُرِئَ عَلى البِناءِ (p-65)لِلْفاعِلِ، وهو اللَّهُ سُبْحانَهُ، والمَعْنى: جَعَلَ أعْمالَهم مُشْتَهاةً لِلطَّبْعِ مَحْبُوبَةً لِلنَّفْسِ، وقِيلَ: خَذَلَهم حَتّى حَسِبُوا قَبِيحَ أعْمالِهِمْ حَسَنًا، فاسْتَمَرُّوا عَلى ذَلِكَ.
﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ هِدايَةً مُوَصِّلَةً إلى المَطْلُوبِ البَتَّةَ، وإنَّما يَهْدِيهِمْ إلى ما يُوَصِّلُ إلَيْهِ عِنْدَ سُلُوكِهِ، وهم قَدْ صَدُّوا عَنْهُ بِسُوءِ اخْتِيارِهِمْ فَتاهُوا في تِيهِ الضَّلالِ.
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلنَّسِیۤءُ زِیَادَةࣱ فِی ٱلۡكُفۡرِۖ یُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُحِلُّونَهُۥ عَامࣰا وَیُحَرِّمُونَهُۥ عَامࣰا لِّیُوَاطِـُٔوا۟ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَیُحِلُّوا۟ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُۚ زُیِّنَ لَهُمۡ سُوۤءُ أَعۡمَـٰلِهِمۡۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق