الباحث القرآني
﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ﴾ الخِطابُ لِلْمُؤْمِنِينَ خاصَّةً ﴿فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ﴾ مِنَ الحُرُوبِ، وهي مَواقِعُها ومَقاماتُها، والمُرادُ بِها: وقَعاتُ بَدْرٍ، وقُرَيْظَةَ، والنَّضِيرِ، والحُدَيْبِيَةِ، وخَيْبَرَ، وفَتْحِ مَكَّةَ ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ﴾ عَطْفٌ عَلى مَحَلِّ (فِي مَواطِنَ) بِحَذْفِ المُضافِ في أحَدِهِما، أيْ: ومَوْطِنِ يَوْمَ حُنَيْنٍ، أوْ في أيّامِ مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ويَوْمَ حُنَيْنٍ، ولَعَلَّ التَّغْيِيرَ لِلْإيماءِ إلى ما وقَعَ فِيهِ مِن قِلَّةِ الثَّباتِ مِن أوَّلِ الأمْرِ، وقِيلَ المُرادُ بِـ"المَوْطِنِ" الوَقْتُ كَمَقْتَلِ الحُسَيْنِ، وقِيلَ: (يَوْمَ حُنَيْنٍ) مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ مَعْطُوفٍ عَلى (نَصَرَكُمُ) أيْ: ونَصَرَكم يَوْمَ حُنَيْنٍ.
﴿إذْ أعْجَبَتْكم كَثْرَتُكُمْ﴾ بَدَلٌ مِن (يَوْمَ حَنِينٍ) ولا مَنعَ فِيهِ مِن عَطْفِهِ عَلى مَحَلِّ الظَّرْفِ بِناءً عَلى أنَّهُ لَمْ يَكُنْ في المَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَثْرَةٌ ولا إعْجابٌ، إذْ لَيْسَ مِن قَضِيَّةِ العَطْفِ مُشارَكَةُ المَعْطُوفَيْنِ فِيما أُضِيفَ إلَيْهِ المَعْطُوفُ، أوْ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ اذْكُرْ.
وَحُنَيْنٌ وادٍ بَيْنَ مَكَّةَ والطّائِفِ، كانَتْ فِيهِ الوَقْعَةُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ - وهُمُ اثْنا عَشَرَ ألْفًا؛ عَشَرَةُ آلافٍ مِنهم مَن شَهِدَ فَتَحَ مَكَّةَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ، وألْفانِ مِنَ الطُّلَقاءِ - وبَيْنَ هَوازِنَ وثَقِيفٍ، وكانُوا أرْبَعَةَ آلافٍ فِيمَن ضامَّهم مِن أمْدادِ سائِرِ العَرَبِ، وكانُوا الجَمَّ الغَفِيرَ، فَلَمّا التَقَوْا قالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ - اسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ الأنْصارِيُّ -: لَنْ نُغْلَبَ اليَوْمَ مِن قِلَّةٍ، فَساءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فاقْتَتَلُوا قِتالًا شَدِيدًا، فانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ وخَلَّوُا الذَّرارِيَّ، فَأكَبَّ المُسْلِمُونَ عَلى الغَنائِمِ، فَتَنادى المُشْرِكُونَ: يا حُماةَ السُّوءِ، اذْكُرُوا الفَضائِحَ، فَتَراجَعُوا، فَأدْرَكَتِ المُسْلِمِينَ كَلِمَةُ الإعْجابِ فانْكَشَفُوا، وذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَلَمْ تُغْنِ عَنْكم شَيْئًا﴾ والإغْناءُ إعْطاءُ ما يُدْفَعُ بِهِ الحاجَةُ، أيْ: لَمْ تُعْطِكم تِلْكَ الكَثْرَةُ ما تَدْفَعُونَ بِهِ حاجَتَكم شَيْئًا مِنَ الإغْناءِ ﴿وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ﴾ أيْ: بِرَحْبِها وسَعَتِها عَلى أنَّ ما مَصْدَرِيَّةٌ، والباءُ بِمَعْنى مَعَ، أيْ: لا تَجِدُونَ فِيها مَفَرًّا تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ نُفُوسُكم مِن شِدَّةِ الرُّعْبِ، ولا تَثْبُتُونَ فِيها كَمَن لا يَسَعُهُ مَكانٌ.
﴿ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ رُوِيَ «أنَّهُ (p-56)بَلَغَ فَلُّهم مَكَّةَ، وبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ إلّا عَمُّهُ العَبّاسُ آخِذًا بِلِجامِ بَغْلَتِهِ، وابْنُ عَمِّهِ أبُو سُفْيانَ بْنُ الحَرْثِ آخِذًا بِرِكابِهِ، وهو يَرْكُضُ البَغْلَةَ نَحْوَ المُشْرِكِينَ، وهو يَقُولُ: «أنا النَّبِيُّ لا كَذِبَ أنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ».»
رُوِيَ أنَّهُ ﷺ كانَ يَحْمِلُ عَلى الكُفّارِ، فَيَفِرُّونَ، ثُمَّ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ، فَيَقِفُ لَهُمْ، فَعَلَ ذَلِكَ بِضْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، قالَ العَبّاسُ: كُنْتُ أكُفَّ البَغْلَةَ لِئَلّا تُسْرِعَ بِهِ نَحْوَ المُشْرِكِينَ، وناهِيكَ بِهَذِهِ الواحِدَةِ شَهادَةَ صِدْقٍ عَلى أنَّهُ ﷺ كانَ في الشَّجاعَةِ ورِباطَةِ الجَأْشِ سَبّاقًا لِلْغاياتِ القاصِيَةِ، وما كانَ ذَلِكَ إلّا لِكَوْنِهِ مُؤَيَّدًا مِن عِنْدِ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قالَ: يا رَبِّ ائْتِنِي بِما وعَدْتَنِي، وقالَ لِلْعَبّاسِ - وكانَ صَيِّتًا -: صِحْ بِالنّاسِ، فَنادى الأنْصارَ فَخْذًا فَخْذًا، ثُمَّ نادى يا أصْحابَ الشَّجَرَةِ، يا أصْحابَ سُورَةِ البَقَرَةِ، فَكَرُّوا عَنَقًا واحِدًا وهم يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى:
{"ayah":"لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِی مَوَاطِنَ كَثِیرَةࣲ وَیَوۡمَ حُنَیۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَضَاقَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّیۡتُم مُّدۡبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











