﴿فَإنْ تابُوا﴾ أيْ: عَمّا هم عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ وسائِرِ العَظائِمِ، والفاءُ لِلْإيذانِ بِأنَّ تَقْرِيعَهم بِما نُعِيَ عَلَيْهِمْ مِن مَساوِئِ أعْمالِهِمْ مَزْجَرَةٌ عَنْها ومَظِنَّةٌ لِلتَّوْبَةِ ﴿وَأقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ﴾ أيِ: التَزَمُوهُما وعَزَمُوا عَلى إقامَتِهِما ﴿فَإخْوانُكُمْ﴾ أيْ: فَهم إخْوانُكم.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِي الدِّينِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِإخْوانِكُمْ، لِما فِيهِ مِن مَعْنى الفِعْلِ أيْ: لَهم ما لَكم وعَلَيْهِمْ ما عَلَيْكُمْ، فَعامِلُوهم مُعامَلَةَ الإخْوانِ، وفِيهِ مِنِ اسْتِمالَتِهِمْ واسْتِجْلابِ قُلُوبِهِمْ ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، والِاخْتِلافُ بَيْنَ جَوابِ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةِ وجَوابِ الَّتِي مَرَّتْ مِن قَبْلُ مَعَ اتِّحادِ الشَّرْطِ فِيهِما لِما أنَّ الأوْلى سِيقَتْ إثْرَ الأمْرِ بِالقَتْلِ ونَظائِرِهِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ جَوابُها أمْرًا بِخِلافِ ذَلِكَ، وهَذِهِ سِيقَتْ بَعْدَ الحُكْمِ عَلَيْهِمْ بِالِاعْتِداءِ وأشْباهِهِ فَلا بُدَّ مِن كَوْنِ جَوابِها حُكْمًا بِخِلافِهِ البَتَّةَ.
﴿وَنُفَصِّلُ الآياتِ﴾ أيْ: نُبَيِّنُها، والمُرادُ بِها: إمّا ما مَرَّ مِنَ الآياتِ المُتَعَلِّقَةِ بِأحْوالِ المُشْرِكِينَ مِنَ النّاكِثِينَ وغَيْرِهِمْ وأحْكامِهِمْ حالَتَيِ الكُفْرِ والإيمانِ، وإمّا جَمِيعُ الآياتِ، فَيَنْدَرِجُ فِيها تِلْكَ الآياتُ انْدِراجًا أوَّلِيًّا ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: ما فِيها مِنَ الأحْكامِ أوْ لِقَوْمٍ عالِمِينَ، وهو اعْتِراضٌ لِلْحَثِّ عَلى التَّأمُّلِ في الأحْكامِ المُنْدَرِجَةِ في تَضاعِيفِها والمُحافَظَةِ عَلَيْها.
{"ayah":"فَإِن تَابُوا۟ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ فِی ٱلدِّینِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ"}