الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِي قَدَّرَ﴾ إمّا صِفَةٌ أُخْرى "لِلرَّبِّ" كالمَوْصُولِ الأوَّلِ، أوْ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وكَذا حالُ ما بَعْدَهُ، قَدَّرَ أجْناسَ الأشْياءِ، وأنْواعَها، وأفْرادَها ومَقادِيرَها، وصِفاتِها وأفْعالَها وآجالَها. ﴿فَهَدى﴾ أيْ: فَوَجَّهَ كُلَّ واحِدٍ مِنها إلى ما يَصْدُرُ عَنْهُ، ويَنْبَغِي لَهُ طَبْعًا أوِ اخْتِيارًا، ويَسَّرَهُ لِما خُلِقَ لَهُ بِخَلْقِ المُيُولِ والإلْهاماتِ، ونَصْبِ الدَّلائِلِ وإنْزالِ الآياتِ، ولَوْ تَتَبَّعْتَ أحْوالَ النَّباتاتِ والحَيَواناتِ (p-144) لَرَأيْتَ في كُلٍّ مِنها ما تَحارُ فِيهِ العُقُولُ. يُرْوى أنَّ الأفْعى إذا بَلَغَتْ ألْفَ سَنَةٍ عَمِيَتْ وقَدْ ألْهَمَها اللَّهُ تَعالى أنْ تَمْسَحَ عَيْنَها بِوَرَقِ الرّازِيانْجِ الغَضِّ يُرَدُّ إلَيْها بَصَرُها، فَرُبَّما كانَتْ عِنْدَ عُرُوضِ العَمى لَها في بَرِّيَّةٍ بَيْنَها وبَيْنَ الرِّيفِ مَسافَةٌ طَوِيلَةٌ فَتَطْوِيها حَتّى تَهَجُمَ في بَعْضِ البَساتِينِ عَلى شَجَرَةِ الرّازِيانْجِ لا تُخْطِئُها فَتَحُكَّ عَيْنَها بِوَرَقِها وتَرْجِعَ باصِرَةً بِإذْنِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. ويُرْوى أنَّ التِّمْساحَ لا يَكُونُ لَهُ دُبُرٌ وإنَّما يُخْرِجُ فَضَلاتِ ما يَأْكُلُهُ مِن فَمِهِ حَيْثُ قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ طائِرًا قُدِّرَ غِذاؤُهُ مِن ذَلِكَ، فَإذا رَآهُ التِّمْساحُ يَفْتَحُ فَمَهُ فَيَدْخُلُهُ الطّائِرُ فَيَأْكُلُ ما فِيهِ، وقَدْ خَلَقَ اللَّهُ تَعالى لَهُ مِن فَوْقِ مِنقارِهِ ومِن تَحْتِهِ قَرْنَيْنِ؛ لِئَلّا يُطْبِقَ عَلَيْهِ التِّمْساحُ فَمَهُ هَذا، وأمّا فُنُونُ هِداياتِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى لِلْإنْسانِ مِن حَيْثُ الجِسْمِيَّةُ ومِن حَيْثُ الحَيَوانِيَّةُ لا سِيَّما مِن حَيْثُ الإنْسانِيَّةُ، فَمِمّا لا يُحِيطُ بِهِ فَلَكُ العِبارَةِ والتَّحْرِيرُ ولا يَعْلَمُهُ إلّا العَلِيمُ الخَبِيرُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب