الباحث القرآني
﴿قُتِلَ أصْحابُ الأُخْدُودِ﴾ قِيلَ: هو جَوابُ القَسَمِ عَلى حَذْفِ اللّامِ مِنهُ لِلطُّولِ، والأصْلُ "لَقُتِلَ" كَما في قَوْلِ مَن قالَ:
؎ حَلَفْتُ لَها بِاللَّهِ حِلْفَةَ فاجِرٍ ∗∗∗ لَنامُوا فَما إنْ مِن حَدِيثٍ ولا صالِ
وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ: لَقَدْ قُتِلَ، وأيًّا ما كانَ؛ فالجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ والأظْهَرُ أنَّها دُعائِيَّةٌ دالَّةٌ عَلى الجَوابِ، كَأنَّهُ قِيلَ: أُقْسِمُ بِهَذِهِ الأشْياءِ أنَّهم - أيْ: كُفّارَ مَكَّةَ - مَلْعُونُونَ كَما لُعِنَ أصْحابُ الأُخْدُودِ؛ لِما أنَّ السُّورَةَ ورَدَتْ لِتَثْبِيتِ المُؤْمِنَيْنِ عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الإيمانِ وصَبْرِهِمْ عَلَيْهِ مِنَ الإيمانِ، وتَصْبِيرِهِمْ عَلى أذِيَّةِ الكَفَرَةِ وتَذْكِيرِهِمْ بِما جَرى عَلى مَن تَقَدَّمَهم مِنَ التَّعْذِيبِ عَلى الإيمانِ، وصَبْرِهِمْ عَلى ذَلِكَ حَتّى يَأْتَسُوا بِهِمْ ويَصْبِرُوا عَلى ما كانُوا يَلْقَوْنَ مِن قَوْمِهِمْ، ويَعْلَمُوا أنَّ هَؤُلاءِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ (p-136)بِمَنزِلَةِ أُولَئِكَ المُعَذَّبِينَ مَلْعُونُونَ مِثْلُهُمْ، أحِقّاءٌ بِأنْ يُقالَ فِيهِمْ ما قَدْ قِيلَ فِيهِمْ، وقُرِئَ "قُتِّلَ" بِالتَّشْدِيدِ و"الأُخْدُودُ": الخَدُّ في الأرْضِ وهو الشِّقُّ ونَحْوُهُما بِناءً، ومَعْنى الخَقِّ والأُخْقُوقِ. ورُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ كانَ لِبَعْضِ المُلُوكِ ساحِرٌ، فَلَمّا كَبُرَ ضَمَّ إلَيْهِ غُلامٌ لِيُعَلِّمَهُ السحر، وكانَ في طَرِيقِ الغُلامِ راهِبٌ فَسَمِعَ مِنهُ، فَرَأى في طَرِيقِهِ ذاتَ يَوْمٍ دابَّةً قَدْ حَبَسَتِ النّاسَ قِيلَ: كانَتِ الدّابَّةُ أسَدًا فَأخَذَ حَجَرًا فَقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ الرّاهِبُ أحَبَّ إلَيْكَ مِنَ السّاحِرِ فاقْتُلْها، فَقَتَلَها فَكانَ الغُلامُ بَعْدَ ذَلِكَ يُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، ويَشْفِيَ مِنَ الأدْواءِ، وعَمِيَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ فَأبْرَأهُ، فَأبْصَرَهُ المَلِكُ فَسَألَهُ: مَن رَدَّ عَلَيْكَ؟ فَقالَ: رَبِّي، فَغَضِبَ فَعَذَّبَهُ، فَدَلَّ عَلى الغُلامِ فَعَذَّبَهُ فَدَلَّ عَلى الرّاهِبِ، فَلَمْ يَرْجِعِ الرّاهِبُ عَنْ دِينِهِ، فَقُدَّ بِالمِنشارِ وأبى الغُلامُ، فَذُهِبَ بِهِ إلى جَبَلٍ لِيُطْرَحَ مِن ذُرْوَتِهِ، فَدَعا فَرُجِفَ بِالقَوْمِ فَطاحُوا ونَجا، فَذُهِبَ بِهِ إلى قُرْقُورٍ فَلَجَّجُوا بِهِ لِيُغْرِقُوهُ فَدَعا فانْكَفَأتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا ونَجا، وقالَ لِلْمَلِكِ: لَسْتَ بِقاتِلِي حَتّى تَجْمَعَ النّاسَ في صَعِيدٍ وتَصْلُبَنِي عَلى جِذْعٍ وتَأْخُذَ سَهْمًا مِن كِنانَتِي وتَقُولَ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الغُلامِ، ثُمَّ تَرْمِيَنِي بِهِ، فَرَماهُ فَوَقَعَ في صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وماتَ، فَقالَ النّاسُ: آمَنّا بِرَبِّ الغُلامِ، فَقِيلَ لِلْمَلِكِ: نَزَلَ بِكَ ما كُنْتَ تَحْذَرُ، فَأمَرَ بِأخادِيدَ في أفْواهِ السِّكَكِ وأُوقِدَتْ فِيها النِّيرانُ، فَمَن لَمْ يَرْجِعْ مِنهم طَرْحَهُ فِيها، حَتّى جاءَتِ امْرَأةٌ مَعَها صَبِيٌّ فَتَقاسَمَتْ، فَقالَ الصَّبِيُّ: يا أُمّاهُ اصْبِرِي فَإنَّكِ عَلى الحَقِّ فاقْتَحَمَتْ. وقِيلَ: قالَ لَها: قَعِي ولا تُنافِقِي، ما هي إلّا غَمْضَةٌ فَصَبَرَتْ. قِيلَ: أُخْرِجَ الغُلامُ مِن قَبْرِهِ في خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأُصْبُعُهُ عَلى صُدْغِهِ كَما وضَعَها حِينَ قُتِلَ. وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنَّ بَعْضَ مُلُوكِ المَجُوسِ وقْعَ عَلىَ أُخْتِهِ وهو سَكْرانٌ، فَلَمّا صَحا نَدِمَ وطَلَبَ المَخْرَجَ، فَقالَتْ لَهُ: المَخْرَجُ أنْ تَخْطُبَ بِالنّاسِ فَتَقُولَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أحَلَّ نِكاحَ الأخَواتِ ثُمَّ تَخْطُبُهم بَعْدَ ذَلِكَ أنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهُ، فَخَطَبَ فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنهُ، فَقالَتْ لَهُ: ابْسُطْ فِيهِمُ السَّوْطَ، فَفَعَلَ فَلَمْ يَقْبَلُوا، فَقالَتْ لَهُ: ابْسُطْ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَفَعَلَ فَلَمْ يَقْبَلُوا، فَأمَرَ بِالأخادِيدِ وإيقادِ النّارِ وطَرَحَ مَن أبى فِيها، فَهُمُ الَّذِينَ أرادَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿قُتِلَ أصْحابُ الأُخْدُودِ﴾ . وقِيلَ: وقَعَ إلى نَجْرانَ رَجُلٌ مِمّا كانَ عَلى دِينِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَدَعاهم فَأجابُوهُ، فَسارَ إلَيْهِمْ ذُو نُواسٍ اليَهُودِيُّ بِجُنُودٍ مِن حِمْيَرٍ، فَخَيَّرَهم بَيْنَ النّارِ واليَهُودِيَّةِ فَأبَوْا، فَأحْرَقَ مِنهُمُ اثْنِي عَشَرَ ألْفًا في الأخادِيدِ. وقِيلَ: سَبْعِينَ ألْفًا، وذَكَرَ أنَّ طُولَ الأُخْدُودِ أرْبَعُونَ ذِراعًا، وعَرْضَهُ اثْنا عَشَرَ ذِراعًا.
{"ayah":"قُتِلَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق