وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ ﴿ثُمَّ ما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ تَفْخِيمٌ لِشَأْنِ يَوْمِ الدِّينِ الَّذِي يُكَذِّبُونَ بِهِ إثْرَ تَفْخِيمٍ وتَهْوِيلٍ لِأمْرِهِ بَعْدَ تَهْوِيلٍ بِبَيانِ أنَّهُ خارِجٌ عَنْ دائِرَةِ دِرايَةِ الخَلْقِ عَلى أيِّ صُورَةٍ تَصَوُّرُهُ فَهو فَوْقَها، وكَيْفَما تَخَيَّلُوهُ فَهو أطَمُّ مِن ذَلِكَ وأعْظَمُ، أيْ: وأيُّ شَيْءٍ جَعَلَكَ دارِيًا ما يَوْمُ الدِّينِ عَلى أنَّ "ما" الاسْتِفْهامِيَّةُ خَبَرٌ لِـ"يَوْمُ الدِّينِ" إلّا بِالعَكْسِ كَما هو رَأْيُ سِيبَوَيْهِ لِما مَرَّ مِن أنَّ مَدارَ الإفادَةِ هو الخَبَرُ لا المُبْتَدَأُ، ولا رَيْبَ في أنَّ مَناطَ إفادَةِ الهَوْلِ والفَخامَةِ هُنا هو ما لا يَوْمُ الدِّينِ أيْ: أيُّ شَيْءٍ عَجِيبٍ هو في الهَوْلِ والفَظاعَةِ لِما مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ كَلِمَةَ "ما" قَدْ يُطْلَبُ بِها الوَصْفُ وإنْ كانَتْ مَوْضُوعَةً (p-123)لِطَلَبِ الحَقِيقَةِ وشَرْحِ الأسْمِ يُقالُ: ما زَيْدٌ؟ فَيُقالُ: في الجَوابِ كاتِبٌ أوْ طَبِيبٌ، وفي إظْهارِ "يَوْمُ الدِّينِ" في مَوْقِعِ الإضْمارِ تَأْكِيدٌ لِهَوْلِهِ وفَخامَتِهِ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ","ثُمَّ مَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ"],"ayah":"وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ"}