الباحث القرآني

﴿أُولَئِكَ﴾ إشارَةٌ إلى مَن ذُكِرَتْ صِفاتُهُمُ الحَمِيدَةُ، مِن حَيْثُ إنَّهم مُتَّصِفُونَ بِها، وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّهم مُتَمَيِّزُونَ بِذَلِكَ عَمَّنْ عَداهم أكْمَلَ تَمَيُّزٍ، مُنْتَظِمُونَ بِسَبَبِهِ في سِلْكِ الأُمُورِ المُشاهَدَةِ، وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإيذانِ بِعُلُوِّ رُتْبَتِهِمْ وبُعْدِ مَنزِلَتِهِمْ في الشَّرَفِ ﴿هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ لِأنَّهم حَقَّقُوا إيمانَهم بِأنْ ضَمُّوا إلَيْهِ ما فُصِّلَ مَن أفاضِلِ الأعْمالِ القَلْبِيَّةِ والقالَبِيَّةِ. وَ"حَقًّا" صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ إيمانًا حَقًّا، أوْ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِلْجُمْلَةِ، أيْ: حُقَّ ذَلِكَ حَقًّا، كَقَوْلِكَ: هو عَبْدُ اللَّهِ حَقًّا. ﴿لَهم دَرَجاتٌ﴾ مِنَ الكَرامَةِ والزُّلْفى، وقِيلَ: دَرَجاتٌ عالِيَةٌ في الجَنَّةِ، وهو إمّا جُمْلَةٌ مُبْتَدَأةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلى سُؤالٍ نَشَأ مِن تَعْدادِ مَناقِبِهِمْ، (p-5)كَأنَّهُ قِيلَ: ما لَهم بِمُقابَلَةِ هَذِهِ الخِصالِ، فَقِيلَ: لَهم كَيْتَ كَيْتَ، أوْ خَبَرٌ ثانٍ لِأُولَئِكَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ إمّا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِـ(دَرَجاتٌ) مُؤَكِّدَةً، لِما أفادَهُ التَّنْوِينُ مِنَ الفَخامَةِ الذّاتِيَّةِ بِالفَخامَةِ الإضافِيَّةِ، أيْ: كائِنَةٌ عِنْدَهُ تَعالى، أوْ بِما يَتَعَلَّقُ بِهِ الخَبَرُ أعْنِي لَهم مِنَ الِاسْتِقْرارِ، وفي إضافَةِ الظَّرْفِ إلى الرَّبِّ المُضافِ إلى ضَمِيرِهِمْ مَزِيدُ تَشْرِيفٍ ولُطْفٍ لَهُمْ، وإيذانٌ بِأنَّ ما وعَدَ لَهم مُتَيَقَّنُ الثُّبُوتِ والحُصُولِ، مَأْمُونُ الفَواتِ. ﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ لِما فَرَطَ مِنهم ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ لا يَنْقَضِي أمَدُهُ ولا يَنْتَهِي عَدَدُهُ، وهو ما أُعِدَّ لَهم مِن نَعِيمِ الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب