الباحث القرآني
﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ﴾ رُجُوعٌ إلى بَيانِ بَقِيَّةِ أحْكامِ الواقِعَةِ وأحْوالِها، وتَقْرِيرُ ما سَبَقَ مِنها، والفاءُ جَوابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ يَسْتَدْعِيهِ ما مَرَّ مِن ذِكْرِ إمْدادِهِ تَعالى وأمْرِهِ بِالتَّثْبِيتِ وغَيْرِ ذَلِكَ، كَأنَّهُ قِيلَ: إذا كانَ الأمْرُ كَذَلِكَ فَلَمْ تَقْتُلُوهم أنْتُمْ بِقُوَّتِكم وقُدْرَتِكم ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ﴾ بِنَصْرِكم وتَسْلِيطِكم عَلَيْهِمْ، وإلْقاءِ الرُّعْبِ في قُلُوبِهِمْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: إذا عَلِمْتُمْ ذَلِكَ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ، أيْ: فاعْلَمُوا أوْ فَأُخْبِرُكم أنَّكم لَمْ تَقْتُلُوهُمْ، وقِيلَ: التَّقْدِيرُ: إنِ افْتَخَرْتُمْ بِقَتْلِهِمْ فَلَمْ تَقْتُلُوهم عَلى أحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، لِما رُوِيَ أنَّهم لَمّا انْصَرَفُوا مِنَ المَعْرَكَةِ غالِبِينَ غانِمِينَ أقْبَلُوا يَتَفاخَرُونَ، يَقُولُونَ: قَتَلْتُ وأسَرْتُ وفَعَلْتُ وتَرَكْتُ، فَنَزَلَتْ.
وَقَدْ «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ طَلَعَتْ قُرَيْشٌ مِنَ العَقَنْقَلِ قالَ: "هَذِهِ قُرَيْشٌ جاءَتْ بِخُيَلائِها وفَخْرِها يُكَذِّبُونَ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ ما وعَدْتَنِي"» فَأتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقالَ: خُذْ قَبْضَةً مِن تُرابٍ فارْمِهِمْ بِها، فَلَمّا التَقى الجَمْعانِ قالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "أعْطِنِي قَبْضَةً مِن حَصْباءِ الوادِي"، فَرَمى بِها في وُجُوهِهِمْ، وقالَ: شاهَتِ الوُجُوهُ، فَلَمْ يَبْقَ مُشْرِكٌ إلّا شُغِلَ بِعَيْنَيْهِ فانْهَزَمُوا، وذَلِكَ قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ - بِطَرِيقِ تَلْوِينِ الخِطابِ: ﴿وَما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ رَمى﴾ تَحْقِيقًا لِكَوْنِ الرَّمْيِ الظّاهِرِ عَلى يَدِهِ ﷺ حِينَئِذٍ مِن أفْعالِهِ عَزَّ وجَلَّ، وتَجْرِيدُ الفِعْلِ عَنِ المَفْعُولِ بِهِ لِما أنَّ المَقْصُودَ الأصْلِيَّ بَيانُ حالِ الرَّمْيِ نَفْيًا وإثْباتًا، إذْ هو الَّذِي ظَهَرَ مِنهُ ما ظَهَرَ، وهو المَنشَأُ لِتَغَيُّرِ المَرْمِيِّ بِهِ في نَفْسِهِ وتَكَثُّرِهِ إلى حَيْثُ أصابَ عَيْنَيْ كُلِّ واحِدٍ مِن أُولَئِكَ الأُمَّةِ الجَمَّةِ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ، أيْ: وما فَعَلْتَ أنْتَ يا مُحَمَّدُ تِلْكَ الرَّمْيَةَ المُسْتَتْبِعَةَ لِهَذِهِ الآثارِ العَظِيمَةِ حَقِيقَةً حِينَ فَعَلْتَها صُورَةً وإلّا لَكانَ أثَرُها مِن جِنْسِ آثارِ الأفاعِيلِ البَشَرِيَّةِ، ولَكِنَّ اللَّهَ فَعَلَها، أيْ: خَلَقَها حِينَ باشَرْتَها، لَكِنْ لا عَلى نَهْجِ عادَتِهِ تَعالى في خَلْقِ أفْعالِ العِبادِ، بَلْ عَلى وجْهٍ غَيْرِ مُعْتادٍ، ولِذَلِكَ أثَّرَتْ هَذا التَّأْثِيرَ الخارِجَ عَنْ طَوْقِ البَشَرِ ودائِرَةِ القُوى والقَدَرِ، فَمَدارُ إثْباتِها لِلَّهِ تَعالى ونَفْيِها عَنْهُ ﷺ كَوْنُ أثَرِها مِن أفْعالِهِ ﷺ وقُرِئَ (وَلَكِنِ اللَّهُ) بِالتَّخْفِيفِ والرَّفْعِ في المَحَلَّيْنِ، واللّامُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلِيُبْلِيَ المُؤْمِنِينَ مِنهُ﴾ - أيْ: لِيُعْطِيَهم مِن عِنْدِهِ تَعالى: ﴿بَلاءً حَسَنًا﴾ أيْ: عَطاءً جَمِيلًا غَيْرَ مَشُوبٍ بِمُقاساةِ الشَّدائِدِ والمَكارِهِ - إمّا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفِ مُتَأخِّرٍ فالواوُ اعْتِراضِيَّةٌ، أيْ: ولِلْإحْسانِ إلَيْهِمْ بِالنَّصْرِ والغَنِيمَةِ فَعَلَ ما فَعَلَ لا لِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا لا يُجْدِيهِمْ نَفْعًا، وإمّا بِـ(رَمى) فالواوُ لِلْعَطْفِ عَلى عِلَّةٍ مَحْذُوفَةٍ، أيْ: ولَكِنَّ اللَّهَ رَمى لِيَمْحَقَ الكافِرِينَ ولِيُبْلِيَ ... إلَخْ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ (p-14)اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ أيْ: لِدُعائِهِمْ واسْتِغاثَتِهِمْ ﴿عَلِيمٌ﴾ أيْ: بِنِيّاتِهِمْ وأحْوالِهِمُ الدّاعِيَةِ إلى الإجابَةِ، تَعْلِيلٌ لِلْحُكْمِ.
{"ayah":"فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَیۡتَ إِذۡ رَمَیۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِیُبۡلِیَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡهُ بَلَاۤءً حَسَنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق