الباحث القرآني

﴿يَغْفِرْ لَكم مِن ذُنُوبِكُمْ﴾ أيْ: بَعْضُ ذُنُوبِكُمْ، وهو ما سَلَفَ في الجاهِلِيَّةِ فَإنَّ الإسْلامَ يَجُبُّهُ. ﴿وَيُؤَخِّرْكم إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ هو الأمَدُ الأقْصى الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعالى لَهم بِشَرْطِ الإيمانِ والطّاعَةِ وراءَ ما قَدَّرَهُ لَهم عَلى تَقْدِيرِ بَقائِهِمْ عَلى الكُفْرِ والعِصْيانِ، فَإنَّ وصْفَ الأجَلِ بِالمُسَمّى، وتَعْلِيقَ تَأْخِيرِهِمْ إلَيْهِ (p-37)بِالإيمانِ والطّاعَةِ صَرِيحٌ في أنَّ لَهم أجَلًا آخَرَ، لا يُجاوِزُونَهُ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا، وهو المُرادُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ أجَلَ اللَّهِ﴾ أيْ: ما قَدَّرَ لَكم عَلى تَقْدِيرِ بَقائِكم عَلى الكُفْرِ. ﴿إذا جاءَ﴾ وأنْتُمْ عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ. ﴿لا يُؤَخَّرُ﴾ فَبادِرُوا إلَيَّ بِالإيمانِ والطّاعَةِ قَبْلَ مَجِيئِهِ حَتّى لا يَتَحَقَّقَ شَرْطُهُ الَّذِي هو بَقاؤُكم عَلى الكُفْرِ فَلا يَجِيءُ، ويَتَحَقَّقَ شَرْطُ التَّأْخِيرِ إلى الأجَلِ المُسَمّى فَتُؤَخَّرُوا إلَيْهِ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ وقْتُ إتْيانِ العَذابِ المَذْكُورِ في قَوْلِهِ تَعالى: "مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَهم عَذابٌ ألِيمٌ" فَإنَّهُ أجْلٌ مُؤَقَّتٌ لَهُ حَتْمًا، وحَمْلُهُ عَلى الأجَلِ الأطْوَلِ مِمّا لا يُساعِدُهُ المَقامُ، كَيْفَ لا والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالعِبادَةِ المُسْتَتْبَعَةِ لِلْمَغْفِرَةِ والتَّأْخِيرِ إلى الأجَلِ المُسَمّى؟ فَلا بُدَّ أنْ يَكُونَ المَنفِيُّ عِنْدَ مَجِيءِ الأجَلِ هو التَّأْخِيرَ المَوْعُودَ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أنْ يَكُونَ ما فُرِضَ مَجِيئُهُ هو الأجَلُ المُسَمّى؟ ﴿لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أيْ: لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَيْئًا لَسارَعْتُمْ إلى ما أمَرْتُكم بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب