الباحث القرآني

﴿قالَ أغَيْرَ اللَّهِ أبْغِيكم إلَهًا﴾ شُرُوعٌ في بَيانِ شُئُونِ اللَّهِ تَعالى المُوجِبَةِ لِتَخْصِيصِ العِبادَةِ بِهِ تَعالى، بَعْدَ بَيانِ أنَّ ما طَلَبُوا عِبادَتَهُ مِمّا لا يُمْكِنُ طَلَبُهُ أصْلًا لِكَوْنِهِ هالِكًا باطِلًا، ولِذَلِكَ وُسِّطَ بَيْنَهُما " قالَ " مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنهُما كَلامَ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. والِاسْتِفْهامُ لِلْإنْكارِ والتَّعَجُّبِ والتَّوْبِيخِ، وإدْخالُ الهَمْزَةِ عَلى " غَيْرَ " لِلْإيذانِ بِأنَّ المَنكُوَّ هو كَوْنُ المَبْغِيِّ غَيْرَهُ تَعالى، لِما أنَّهُ لِاخْتِصاصِ الإنْكارِ بِغَيْرِهِ تَعالى دُونَ إنْكارِ الِاخْتِصاصِ بِغَيْرِهِ تَعالى، وانْتِصابُ " غَيْرَ " عَلى أنَّهُ مَفْعُولُ أبْغِي بِحَذْفِ اللّامِ؛ أيْ: أبْغِي لَكم؛ أيْ: أطْلُبُ لَكم غَيْرَ اللَّهِ تَعالى. وَ" إلَهًا " إمّا تَمْيِيزٌ، أوْ حالٌ، أوْ عَلى الحالِيَّةِ مِن إلَهًا، وهو المَفْعُولُ لِأبْغِي، عَلى أنَّ الأصْلَ: أبْغِي لَكم إلَهًا غَيْرَ اللَّهِ، فَغَيْرَ اللَّهِ صِفَةٌ لَإلَهًا، فَلَمّا قُدِّمَتْ صِفَةُ النَّكِرَةِ انْتَصَبَتْ حالًا. ﴿وَهُوَ فَضَّلَكم عَلى العالَمِينَ﴾؛ أيْ: والحالُ أنَّهُ تَعالى خَصَّكم بِنِعَمٍ لَمْ يُعْطِها غَيْرَكم، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى ما صَنَعُوا مِن سُوءِ المُعامَلَةِ، حَيْثُ قابَلُوا تَخْصِيصِ اللَّهِ تَعالى إيّاهم مِن بَيْنِ أمْثالِهِمْ بِما لَمْ يَسْتَحِقُّوهُ، تَفَضُّلًا بِأنْ عَمَدُوا إلى أخَسِّ شَيْءٍ مِن مَخْلُوقاتِهِ، فَجَعَلُوهُ شَرِيكًا لَهُ تَعالى، تَبًّا لَهم ولِما يَعْبُدُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب