﴿ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ جَوابُ القَسَمِ، والباءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُضْمَرٍ هو حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في خَبَرِها، والعامِلُ فِيها مَعْنى النَّفْيِ، كَأنَّهُ قِيلَ: أنْتَ بَرِيءٌ مِنَ الجُنُونِ مُلْتَبِسًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي هي النُّبُوَّةُ، والرِّياسَةُ العامَّةُ، والتَّعَرُّضُ لِوَصْفِ الربوبية المُنْبِئَةِ عَنِ التَّبْلِيغِ إلى مَعارِجِ الكَمالِ مَعَ الإضافَةِ إلى ضَمِيرِهِ ﷺ لِتَشْرِيفِهِ ﷺ، والإيذانِ بِأنَّهُ - تَعالى - يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ، ويُبَلِّغُهُ مِنَ العُلُوِّ إلى غايَةٍ لا غايَةَ وراءَها، والمُرادُ تَنْزِيهُهُ ﷺ عَمّا كانُوا يَنْسُبُونَهُ ﷺ إلَيْهِ مِنَ الجُنُونِ حَسَدًا وعَداوَةً ومُكابَرَةً، مَعَ جَزْمِهِمْ بِأنَّهُ ﷺ في غايَةِ الغاياتِ القاصِيَّةِ، ونِهايَةِ (p-12)النِّهاياتِ النّائِيَةِ مِن حَصانَةِ العَقْلِ ورَزانَةِ الرَّأْيِ.
{"ayah":"مَاۤ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونࣲ"}