الباحث القرآني
(p-260)سُورَةُ الطَّلاقِ 729 مَدَنِيَّةٌ وآياتُها اثْنَتا عَشْرَةَ آيَةً
﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ﴾ تَخْصِيصُ النِّداءِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مَعَ عُمُومِ الخِطابِ لِأُمَّتِهِ أيْضًا لِتَشْرِيفِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وإظْهارِ جَلالَةِ مَنصِبِهِ وتَحْقِيقِ أنَّهُ المُخاطَبُ حَقِيقَةً ودُخُولُهم في الخِطابِ بِطَرِيقِ اسْتِتْباعِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إيّاهم وتَغْلِيبُهُ عَلَيْهِمْ لا لِأنَّ نِداءَهُ كَنِدائِهِمْ، فَإذْ ذَلِكَ الِاعْتِبارُ لَوْ كانَ في حَيِّزِ الرِّعايَةِ لَكانَ الخِطابُ هو الأحَقَّ بِهِ لِشُمُولِ حُكْمِهِ لِلْكُلِّ قَطْعًا، والمَعْنى: إذا أرَدْتُمْ تَطْلِيقَهُنَّ وعَزَمْتُمْ عَلَيْهِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ﴾ .
﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أيْ: مُسْتَقْبِلاتٍ لَها كَقَوْلِكَ: "أتَيْتُهُ لِلَّيْلَةٍ خَلَتْ مِن شَهْرِ كَذا" فَإنَّ المَرْأةَ إذا طُلِّقَتْ في طُهْرٍ يَعْقُبُهُ القُرْءُ الأوَّلُ مِن إقْرائِها فَقَدْ طُلِّقَتْ مُسْتَقْبِلَةً لِعِدَّتِها، والمُرادُ: أنْ يُطَلَّقْنَ في طُهْرٍ لَمْ يَقَعْ فِيهِ جِماعٌ ثُمَّ يُخَلَّيْنَ حَتّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ وهَذا أحْسَنُ الطَّلاقِ وأدْخَلُهُ في السُّنَّةِ.
﴿وَأحْصُوا العِدَّةَ﴾ واضْبِطُوها وأكْمِلُوها ثَلاثَةَ أقْراءٍ كَوامِلَ.
﴿واتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾ في تَطْوِيلِ العِدَّةِ عَلَيْهِمْ والإضْرارِ بِهِنَّ، وفي وصْفِهِ تَعالى بِرِبَوِيَّتِهِ لَهم تَأْكِيدٌ لِلْأمْرِ ومُبالَغَةٌ في إيجابِ الِاتِّقاءِ.
﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ﴾ مِن مَساكِنِهِنَّ عِنْدَ الفِراقِ إلى أنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ، وإضافَتُها إلَيْهِنَّ وهي لِأزْواجِهِنَّ لِتَأْكِيدِ النَّهْيِ بِبَيانِ كَمالِ اسْتِحْقاقِهِنَّ لِسُكْناها كَأنَّها أمْلاكُهُنَّ.
﴿وَلا يَخْرُجْنَ﴾ ولَوْ بِإذْنٍ مِنكم فَإنَّ الإذْنَ بِالخُرُوجِ في حُكْمِ الإخْراجِ، وقِيلَ: المَعْنى: لا يَخْرُجْنَ بِاسْتِبْدادٍ مِنهُنَّ أمّا إذا اتَّفَقا عَلى الخُرُوجِ جازَ إذِ الحَقُّ لا يَعْدُوهُما.
﴿إلا أنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ اسْتِثْناءٌ مِنَ الأوَّلِ، قِيلَ: هي الزِّنا فَيَخْرُجْنَ لِإقامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِنَّ، وقِيلَ: إلّا أنْ يَبْذُونَ عَلى الأزْواجِ فَيَحِلُّ حِينَئِذٍ إخْراجُهُنَّ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ "إلّا أنْ يُفْحِشْنَ عَلَيْكُمْ" أوْ مِنَ الثّانِي لِلْمُبالَغَةِ في النَّهْيِ عَنِ الخُرُوجِ بِبَيانِ أنَّ خُرُوجَها فاحِشَةٌ. " تِلْكَ " إشارَةٌ إلى ما ذُكِرَ مِنَ الأحْكامِ، و"ما" في اسْمِ الإشارَةِ مِن مَعْنى البُعْدِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ بِالمُشارِ إلَيْهِ لِلْإيذانِ بِعُلُوِّ دَرَجَتِها وبُعْدِ مَنزِلَتِها.
﴿حُدُودُ اللَّهِ﴾ الَّتِي عَيَّنَها لِعِبادِهِ.
﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ﴾ أيْ: حُدُودَهُ المَذْكُورَةَ بِأنْ أخَلَّ بِشَيْءٍ مِنها عَلى أنَّ الإظْهارَ في حَيِّزِ الإضْمارِ لِتَهْوِيلِ أمْرِ التَّعَدِّي، والإشْعارِ بِعِلَّةِ الحُكْمِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ أيْ: أضَرَّ بِها، وتَفْسِيرُ الظُّلْمِ بِتَعْرِيضِها لِلْعِقابِ يَأْباهُ (p-261)
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أمْرًا﴾ فَإنَّهُ اسْتِئْنافٌ مَسُوقٌ لِتَعْلِيلٍ مَضْمُونِ الشَّرْطِيَّةِ وقَدْ قالُوا: إنَّ الأمْرَ الَّذِي يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعالى أنْ يُقَلِّبَ قَلْبَهُ عَمّا فَعَلَهُ بِالتَّعَدِّي إلى خِلافِهِ فَلا بُدَّ أنْ يَكُونَ الظُّلْمُ عِبارَةً عَنْ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ يَلْحَقُهُ بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ ولا يُمْكِنُ تَدارُكُهُ أوْ عَنْ مُطْلَقِ الضَّرَرِ الشّامِلِ لِلدُّنْيَوِيِّ والأُخْرَوِيِّ، ويُخَصُّ التَّعْلِيلُ بِالدُّنْيَوِيِّ لِكَوْنِ احْتِرازِ النّاسِ مِنهُ أشَدَّ واهْتِمامِهِمْ بِدَفْعِهِ أوْقى. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَدْرِي﴾ خِطابٌ لِلْمُتَعَدِّي بِطَرِيقِ الِالتِفاتِ لِمَزِيدِ الِاهْتِمامِ بِالزَّجْرِ عَنِ التَّعَدِّي لا لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَما تُوُهِّمَ، فالمَعْنى: ومَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ أضَرَّ بِنَفْسِهِ فَإنَّكَ لا تَدْرِي أيُّها المُتَعَدِّي عاقِبَةَ الأمْرِ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ في قَلْبِكَ بَعْدَ ذَلِكَ الَّذِي فَعَلْتَ مِنَ التَّعَدِّي أمْرًا يَقْتَضِي خِلافَ ما فَعَلْتَهُ فَيُبَدَّلُ بِبُغْضِها مَحَبَّةً وبِالإعْراضِ عَنْها إقْبالًا إلَيْها ويَتَسَنّى تَلافِيهِ رَجْعَةً أوِ اسْتِئْنافُ نِكاحٍ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُوا۟ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُیُوتِهِنَّ وَلَا یَخۡرُجۡنَ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن یَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِی لَعَلَّ ٱللَّهَ یُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ أَمۡرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق