الباحث القرآني
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ﴾ هُمُ الَّذِينَ حُكِيَتْ أحْوالُهم، لَكِنْ وُضِعَ المَوْصُولُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ؛ لِلْإيذانِ بِتَسَبُّبِ خُسْرانِهِمْ بِما في حَيِّزِ الصِّلَةِ مِنَ التَّكْذِيبِ بِلِقائِهِ تَعالى بِقِيامِ السّاعَةِ، وما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ البَعْثِ، وأحْكامِهِ المُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهِ، واسْتِمْرارِهِمْ عَلى ذَلِكَ؛ فَإنَّ كَلِمَةَ " حَتّى " في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَتّى إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ﴾ غايَةٌ لِتَكْذِيبِهِمْ لا لِخُسْرانِهِمْ، فَإنَّهُ أبَدِيٌّ لا حَدَّ لَهُ.
﴿بَغْتَةً﴾ البَغْتُ والبَغْتَةُ: مُفاجَأةٌ لِلشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ مِن غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ، يُقالُ: بَغَتَهُ بَغْتًا وبَغْتَةً؛ أيْ: فَجْأةً، وانْتِصابُها إمّا عَلى أنَّها مَصْدَرٌ واقِعٌ مَوْقِعَ الحالِ مِن فاعِلِ جاءَتْهم؛ أيْ: مُباغَتَةً، أوْ مِن مَفْعُولِهِ؛ أيْ: مَبْغُوتِينَ. وإمّا عَلى أنَّها مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ عَلى غَيْرِ الصَّدْرِ، فَإنَّ جاءَتْهم في مَعْنى: بَغَتَتْهم، كَقَوْلِهِمْ: أتَيْتُهُ رَكْضًا. أوْ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن فاعِلِ جاءَتْهم؛ أيْ: جاءَتْهُمُ السّاعَةُ تَبْغَتُهم بَغْتَةً.
﴿قالُوا﴾ جَوابُ إذا.
﴿يا حَسْرَتَنا﴾ تَعالَيْ فَهَذا أوانُكِ، والحَسْرَةُ: شِدَّةُ النَّدَمِ، وهَذا التَّحَسُّرُ وإنْ كانَ يَعْتَرِيهِمْ عِنْدَ المَوْتِ، لَكِنْ لَمّا كانَ ذَلِكَ مِن مَبادِئِ السّاعَةِ سُمِّيَ بِاسْمِها، ولِذَلِكَ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " «مَن ماتَ فَقَدْ قامَتْ قِيامَتُهُ» "، أوْ جُعِلَ مَجِيءُ السّاعَةِ بَعْدَ المَوْتِ كالواقِعِ بِغَيْرِ فَتْرَةٍ لِسُرْعَتِهِ.
﴿عَلى ما فَرَّطْنا فِيها﴾؛ أيْ: عَلى تَفْرِيطِنا في شَأْنِ السّاعَةِ، وتَقْصِيرِنا في مُراعاةِ حَقِّها، والِاسْتِعْدادِ لَها بِالإيمانِ بِها، واكْتِسابِ الأعْمالِ الصّالِحَةِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ﴾ .
وَقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلْحَياةِ الدُّنْيا، وإنْ لَمْ يَجْرِ لَها ذِكْرٌ لِكَوْنِها مَعْلُومَةً. والتَّفْرِيطُ: التَّقْصِيرُ في الشَّيْءِ مَعَ القُدْرَةِ عَلى فِعْلِهِ، وقِيلَ: هو التَّضْيِيعُ، وقِيلَ: الفَرَطُ: السَّبْقُ، ومِنهُ الفارِطُ؛ أيِ: السّابِقُ، ومَعْنى فَرَّطَ: خَلّى السَّبْقَ لِغَيْرِهِ؛ فالتَّضْعِيفُ فِيهِ لِلسَّلْبِ، كَما في: جَلَّدْتُ البَعِيرَ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ قالُوا، فائِدَتُهُ الإيذانُ بِأنَّ عَذابَهم لَيْسَ مَقْصُورًا عَلى ما ذُكِرَ مِنَ الحَسْرَةِ عَلى ما فاتَ وزالَ، بَلْ يُقاسُونَ مَعَ ذَلِكَ تَحَمُّلَ الأوْزارِ الثِّقالِ، والإيماءُ إلى أنَّ تِلْكَ الحَسْرَةَ مِنَ الشِّدَّةِ بِحَيْثُ لا تَزُولُ، ولا تَنْسى بِما يُكابِدُونَهُ مِن فُنُونِ العُقُوباتِ، والسِّرُّ في ذَلِكَ أنَّ العَذابَ الرُّوحانِيَّ أشَدُّ مِنَ الجُسْمانِيِّ، نَعُوذُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ مِنهُما.
والوِزْرُ في الأصْلِ: الحِمْلُ الثَّقِيلُ، سُمِّيَ بِهِ الإثْمُ والذَّنْبُ لِغايَةِ ثِقَلِهِ عَلى صاحِبِهِ، وذِكْرُ الظُّهُورِ كَذِكْرِ الأيْدِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ﴾؛ فَإنَّ المُعْتادَ حَمْلُ الأثْقالِ عَلى الظُّهُورِ، كَما أنَّ المَأْلُوفَ هو الكَسْبُ بِالأيْدِي، والمَعْنى: أنَّهم يَتَحَسَّرُونَ عَلى ما لَمْ يَعْمَلُوا مِنَ الحَسَناتِ، والحالُ أنَّهم يَحْمِلُونَ أوْزارَ ما عَمِلُوا مِنَ السَّيِّئاتِ.
﴿ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِما قَبْلَهُ وتَكْمِلَةٌ لَهُ؛ أيْ: بِئْسَ شَيْئًا يَزِرُونَهُ وِزْرُهم.
{"ayah":"قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











