الباحث القرآني
﴿بَلْ بَدا لَهم ما كانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ﴾ إضْرابٌ عَمّا يُنْبِئُ عَنْهُ التَّمَنِّي مِنَ الوَعْدِ بِتَصْدِيقِ الآياتِ والإيمانِ بِها؛ أيْ: لَيْسَ ذَلِكَ عَنْ عَزِيمَةٍ صادِقَةٍ، ناشِئَةٍ عَنْ رَغْبَةٍ في الإيمانِ، وشَوْقٍ إلى تَحْصِيلِهِ والِاتِّصافِ بِهِ، بَلْ لِأنَّهُ ظَهَرَ لَهم في مَوْقِفِهِمْ ذَلِكَ ما كانُوا يُخْفُونَهُ في الدُّنْيا مِنَ الدّاهِيَةِ الدَّهْياءِ، وظَنُّوا أنَّهم مُواقِعُوها؛ فَلِخَوْفِها وهَوْلِ مَطْلَعِها قالُوا ما قالُوا، والمُرادُ بِها: النّارُ الَّتِي وُقِفُوا عَلَيْها؛ إذْ هي الَّتِي سِيقَ الكَلامُ لِتَهْوِيلِ أمْرِها، والتَّعْجِيبِ مِن فَظاعَةِ حالِ المَوْقُوفِينَ عَلَيْها، وبِإخْفائِها تَكْذِيبُهم بِها؛ فَإنَّ التَّكْذِيبَ بِالشَّيْءِ كُفْرٌ بِهِ وإخْفاءٌ لَهُ لا مَحالَةَ.
وَإيثارُهُ عَلى صَرِيحِ التَّكْذِيبِ الوارِدِ في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِها المُجْرِمُونَ﴾، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾، مَعَ كَوْنِهِ أنْسَبَ بِما قَبْلَهُ مِن قَوْلِهِمْ: " ﴿وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا﴾ "؛ لِمُراعاةِ ما في مُقابَلَتِهِ مِنَ البُدُوِّ، هَذا هو الَّذِي تَسْتَدْعِيهِ جَزالَةُ النَّظْمِ الكَرِيمِ.
وَأمّا ما قِيلَ مِن أنَّ المُرادَ: بِما يُخْفُونَ كُفْرُهم ومَعاصِيهِمْ، أوْ قَبائِحُهم وفَضائِحُهُمُ الَّتِي كانُوا يَكْتُمُونَها مِنَ النّاسِ، فَتَظْهَرُ في صُحُفِهِمْ وبِشَهادَةِ جَوارِحِهِمْ عَلَيْهِمْ، أوْ شِرْكِهِمُ الَّذِي يَجْحَدُونَ بِهِ في بَعْضِ مَواقِفِ القِيامَةِ بِقَوْلِهِمْ: ﴿واللَّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ﴾، ثُمَّ يَظْهَرُ بِما ذُكِرَ مِن شَهادَةِ الجَوارِحِ عَلَيْهِمْ، أوْ ما أخْفاهُ رُؤَساءُ (p-124)الكَفَرَةِ عَنْ أتْباعِهِمْ مِن أمْرِ البَعْثِ والنُّشُورِ، أوْ ما كَتَمَهُ عُلَماءُ أهْلِ الكِتابَيْنِ مِن صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ ﷺ ونُعُوتِهِ الشَّرِيفَةِ عَنْ عَوامِّهِمْ، عَلى أنَّ الضَّمِيرَ المَجْرُورَ لِلْعَوامِّ والمَرْفُوعَ لِلْخَواصِّ، أوْ كُفْرُهُمُ الَّذِي أخْفَوْهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ، والضَّمِيرُ المَجْرُورُ لِلْمُؤْمِنِينَ والمَرْفُوعُ لِلْمُنافِقِينَ، فَبَعْدَ الإغْضاءِ عَمّا في كُلٍّ مِنها مِن الِاعْتِسافِ والِاخْتِلالِ، لا سَبِيلَ إلى شَيْءٍ مِن ذَلِكَ أصْلًا، لِما عَرَفْتَ مِن أنَّ سَوْقَ النَّظْمِ الشَّرِيفِ لِتَهْوِيلِ أمْرِ النّارِ، وتَفْظِيعِ حالِ أهْلِها، وقَدْ ذُكِرَ وُقُوفُهم عَلَيْها، وأُشِيرَ إلى أنَّهُ اعْتَراهم عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ الخَوْفِ والخَشْيَةِ، والحَيْرَةِ والدَّهْشَةِ، ما لا يُحِيطُ بِهِ الوَصْفُ، ورُتِّبَ عَلَيْهِ تَمَنِّيهِمُ المَذْكُورُ بِالفاءِ القاضِيَةِ بِسَبَبِيَّةِ ما قَبْلَها لِما بَعْدَها، فَإسْقاطُ النّارِ بَعْدَ ذَلِكَ مِن تِلْكَ السَّبَبِيَّةِ، وهي في نَفْسِها أدْهى الدَّواهِي، وأزْجَرُ الزَّواجِرِ، وإسْنادُها إلى شَيْءٍ مِنَ الأُمُورِ المَذْكُورَةِ الَّتِي دُونَها في الهَوْلِ والزَّجْرِ مَعَ عَدَمِ جَرَيانِ ذِكْرِها، ثَمَّةَ، أمْرٌ يَجِبُ تَنْزِيهُ ساحَةِ التَّنْزِيلِ عَنْ أمْثالِهِ.
وَأمّا ما قِيلَ مِن أنَّ المُرادَ: جَزاءُ ما كانُوا يُخْفُونَ؛ فَمِن قَبِيلِ دُخُولِ البُيُوتِ مِن ظُهُورِها وأبْوابُها مَفْتُوحَةٌ؛ فَتَأمَّلْ.
﴿وَلَوْ رُدُّوا﴾؛ أيْ: مِن مَوْقِفِهِمْ ذَلِكَ إلى الدُّنْيا حَسْبَما تَمَنَّوْهُ، وغابَ عَنْهم ما شاهَدُوهُ مِنَ الأهْوالِ.
﴿لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ﴾ مِن فُنُونِ القَبائِحِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها التَّكْذِيبُ المَذْكُورُ، ونَسُوا ما عايَنُوهُ بِالكُلِّيَّةِ لِاقْتِصارِ أنْظارِهِمْ عَلى الشّاهِدِ دُونَ الغائِبِ.
﴿وَإنَّهم لَكاذِبُونَ﴾؛ أيْ: لَقَوْمٌ دَيْدَنُهُمُ الكَذِبُ في كُلِّ ما يَأْتُونَ وما يَذَرُونَ.
{"ayah":"بَلۡ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا۟ یُخۡفُونَ مِن قَبۡلُۖ وَلَوۡ رُدُّوا۟ لَعَادُوا۟ لِمَا نُهُوا۟ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق