الباحث القرآني
﴿وَجَعَلُوا﴾ شُرُوعٌ في تَقْبِيحِ أحْوالِهِمُ الفَظِيعَةِ بِحِكايَةِ أقْوالِهِمْ وأفْعالِهِمُ الشَّنِيعَةِ، وهم مُشْرِكُو العَرَبِ كانُوا يُعَيِّنُونَ أشْياءَ مِن حَرْثٍ ونِتاجٍ لِلَّهِ تَعالى، وأشْياءَ مِنهُما لِآلِهَتِهِمْ، فَإذا رَأوْا ما جَعَلُوهُ لِلَّهِ تَعالى زاكِيًا نامِيًا يَزِيدُ في نَفْسِهِ خَيْرًا، رَجَعُوا فَجَعَلُوهُ لِآلِهَتِهِمْ، وإذا زَكا ما جَعَلُوهُ لِآلِهَتِهِمْ تَرَكُوهُ مُعْتَلِّينَ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى غَنِيٌّ، وما ذاكَ إلّا لِحُبِّ آلِهَتِهِمْ وإيثارِهِمْ لَها.
والجَعْلُ إمّا مُتَعَدٍّ إلى واحِدٍ، فالجارّانِ في قَوْلِهِ تَعالى: (p-189)﴿لِلَّهِ مِمّا ذَرَأ﴾ مُتَعَلِّقانِ بِهِ.
وَ" مِن " في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ﴾ بَيانٌ لِما، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى فَرْطِ جَهالَتِهِمْ، حَيْثُ أشْرَكُوا الخالِقَ في خَلْقِهِ جَمادًا لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ، ثُمَّ رَجَّحُوهُ عَلَيْهِ بِأنْ جَعَلُوا الزَّكِيَّ لَهُ؛ أيْ: عَيَّنُوا لَهُ تَعالى مِمّا خَلَقَهُ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ.
﴿نَصِيبًا﴾ يَصْرِفُونَهُ إلى الضِّيفانِ والمَساكِينِ، وتَأْخِيرُهُ عَنِ المَجْرُورَيْنِ لِما مَرَّ مِرارًا مِنَ الِاهْتِمامِ بِالمُقَدَّمِ والتَّشْوِيقِ إلى المُؤَخَّرِ.
وَإمّا إلى مَفْعُولَيْنِ أوَّلُهُما: " ﴿مِمّا ذَرَأ﴾ " عَلى أنَّ " مِن " تَبْعِيضِيَّةٌ؛ أيْ: جَعَلُوا بَعْضَ ما خَلَقَهُ نَصِيبًا لَهُ، وما قِيلَ مِن أنَّ الأوَّلَ نَصِيبًا والثّانِيَ لِلَّهِ، لا يُساعِدُهُ سَدادُ المَعْنى، وحِكايَةُ جَعْلِهِمْ لَهُ تَعالى نَصِيبًا تَدُلُّ عَلى أنَّهم جَعَلُوا لِشُرَكائِهِمْ أيْضًا نَصِيبًا.
وَلَمْ يُذْكَرِ اكْتِفاءً بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَقالُوا هَذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهَذا لِشُرَكائِنا﴾ وقُرِئَ بِضَمِّ الزّاءِ، وهو لُغَةٌ فِيهِ، وإنَّما قُيِّدَ بِهِ الأوَّلُ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ في الحَقِيقَةِ لَيْسَ بِجَعْلِ اللَّهِ تَعالى غَيْرُ مُسْتَتْبِعٍ لِشَيْءٍ مِنَ الثَّوابِ، كالتَّطَوُّعاتِ الَّتِي يُبْتَغى بِها وجْهُ اللَّهِ تَعالى، لا لِما قِيلَ مِن أنَّهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ ذَلِكَ مِمّا اخْتَرَعُوهُ لَمْ يَأْمُرْهُمُ اللَّهُ تَعالى بِهِ، فَإنَّ ذَلِكَ مُسْتَفادٌ مِنَ الجَعْلِ، ولِذَلِكَ لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ الثّانِي.
وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَمْهِيدًا لِما بَعْدَهُ، عَلى مَعْنى أنَّ قَوْلَهم: " هَذا لِلَّهِ " مُجَرَّدُ زَعْمٍ مِنهم لا يَعْمَلُونَ بِمُقْتَضاهُ الَّذِي هو اخْتِصاصُهُ بِهِ تَعالى.
فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إلى اللَّهِ وما كانَ لِلَّهِ فَهو يَصِلُ إلى شُرَكائِهِمْ﴾ بَيانٌ وتَفْصِيلٌ لَهُ؛ أيْ: فَما عَيَّنُوهُ لِشُرَكائِهِمْ لا يُصْرَفُ إلى الوُجُوهِ الَّتِي يُصْرَفُ إلَيْها ما عَيَّنُوهُ لِلَّهِ تَعالى، مِن قِرى الضِّيفانِ والتَّصَدُّقِ عَلى المَساكِينِ، وما عَيَّنُوهُ لِلَّهِ تَعالى إذا وجَدُوهُ زاكِيًا، يُصْرَفُ إلى الوُجُوهِ الَّتِي يُصْرَفُ إلَيْها ما عَيَّنُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِن إنْفاقٍ عَلَيْها، وذَبْحِ نِسائِكَ عِنْدَها، والإجْراءِ عَلى سَدَنَتِها، ونَحْوِ ذَلِكَ.
﴿ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ فِيما فَعَلُوا مِن إيثارِ آلِهَتِهِمْ عَلى اللَّهِ تَعالى، وعَمَلِهِمْ بِما لَمْ يُشْرَعْ لَهم، وما بِمَعْنى الَّذِي، والتَّقْدِيرُ: ساءَ الَّذِي يَحْكُمُونَ حُكْمُهم، فَيَكُونُ " حُكْمُهم " مُبْتَدَأً، وما قَبْلَهُ الخَبَرُ، وحُذِفَ لِدَلالَةِ " ﴿يَحْكُمُونَ﴾ " عَلَيْهِ.
{"ayah":"وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ نَصِیبࣰا فَقَالُوا۟ هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَـٰذَا لِشُرَكَاۤىِٕنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ فَلَا یَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ یَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَاۤىِٕهِمۡۗ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق