الباحث القرآني
﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ﴾ شُرُوعٌ في حِكايَةِ ما سَيَكُونُ مِن تَوْبِيخِ المَعْشَرَيْنِ وتَقْرِيعِهِمْ بِتَفْرِيطِهِمْ فِيما يَتَعَلَّقُ بِخاصَّةِ أنْفُسِهِمْ، إثْرَ حِكايَةِ تَوْبِيخِ مَعْشَرِ الجِنِّ بِإغْواءِ الإنْسِ وإضْلالِهِمْ، وبَيانِ مَآلِ أمْرِهِمْ.
﴿ألَمْ يَأْتِكُمْ﴾؛ أيْ: في الدُّنْيا.
﴿رُسُلٌ﴾؛ أيْ: مِن عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ولَكِنْ لا عَلى أنْ يَأْتِيَ كُلُّ رَسُولٍ كُلَّ واحِدَةٍ مِنَ الأُمَمِ، بَلْ عَلى أنْ يَأْتِيَ كُلَّ أُمَّةٍ رَسُولٌ خاصٌّ بِها؛ أيْ: ألَمْ يَأْتِ كُلَّ أُمَّةٍ مِنكم رَسُولٌ مُعَيَّنٌ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنكُمْ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِرُسُلٌ؛ أيْ: كائِنَةٌ مِن جُمْلَتِكم، لَكِنْ لا عَلى أنَّهم مِن جِنْسِ الفَرِيقَيْنِ مَعًا، بَلْ مِنَ الإنْسِ خاصَّةً، وإنَّما جُعِلُوا مِنهُما إمّا لِتَأْكِيدِ وُجُوبِ اتِّباعِهِمْ، والإيذانِ بِتَقارُبِهِما ذاتًا، واتِّحادِهِما تَكْلِيفًا وخِطابًا، كَأنَّهُما جِنْسٌ واحِدٌ؛ ولِذَلِكَ تَمَكَّنَ أحَدُهُما مِن إضْلالِ الآخَرِ، وإمّا لِأنَّ المُرادَ بِالرُّسُلِ: ما يَعُمُّ رُسُلَ الرُّسُلِ، وقَدْ ثَبَتَ أنَّ الجِنَّ قَدِ اسْتَمَعُوا القرآن وأنْذَرُوا بِهِ قَوْمَهم، حَيْثُ نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القرآن﴾ (p-186)إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَّوْا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ .
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكم آياتِي﴾ صِفَةٌ أُخْرى لِرُسُلٌ، مُحَقِّقَةٌ لِما هو المُرادُ مِن إرْسالِ الرُّسُلِ مِنَ التَّبْلِيغِ والإنْذارِ، وقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى الثَّقَلَيْنِ.
﴿وَيُنْذِرُونَكُمْ﴾ بِما هو في تَضاعِيفِها مِنَ القَوارِعِ.
﴿لِقاءَ يَوْمِكم هَذا﴾ يَوْمِ الحَشْرِ الَّذِي قَدْ عايَنُوا فِيهِ ما أُعِدَّ لَهم مِن أفانِينِ العُقُوباتِ الهائِلَةِ.
﴿قالُوا﴾ اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ نَشَأ مِنَ الكَلامِ السّابِقِ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالُوا عِنْدَ ذَلِكَ التَّوْبِيخِ الشَّدِيدِ ؟ فَقِيلَ: قالُوا.
﴿شَهِدْنا عَلى أنْفُسِنا﴾؛ أيْ: بِإتْيانِ الرُّسُلِ وإنْذارِهِمْ، وبِمُقابَلَتِهِمْ إيّاهم بِالكُفْرِ والتَّكْذِيبِ، وبِاسْتِحْقاقِهِمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِلْعَذابِ المُخَلَّدِ حَسْبَما فُصِّلَ في حِكايَةِ جَوابِهِمْ عَنْ سُؤالِ خَزَنَةِ النّارِ، حَيْثُ قالُوا: ﴿بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إنْ أنْتُمْ إلا في ضَلالٍ كَبِيرٍ﴾ . وقَدْ أُجْمِلَ هَهُنا في الحِكايَةِ كَما أُجْمِلَ في حِكايَةِ جَوابِهِمْ، حَيْثُ قالُوا: ﴿بَلى ولَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ العَذابِ عَلى الكافِرِينَ﴾ .
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَغَرَّتْهُمُ الحَياةُ الدُّنْيا﴾ مَعَ ما عُطِفَ عَلَيْهِ اعْتِراضٌ لِبَيانِ ما أدّاهم في الدُّنْيا إلى ارْتِكابِهِمْ لِلْقَبائِحِ الَّتِي ارْتَكَبُوها، وألْجَأهم بَعْدَ ذَلِكَ في الآخِرَةِ إلى الِاعْتِرافِ بِالكُفْرِ واسْتِيجابِ العَذابِ، وذَمٌّ لَهم بِذَلِكَ؛ أيْ: واغْتَرُّوا في الدُّنْيا بِالحَياةِ الدَّنِيئَةِ، واللَّذّاتِ الخَسِيسَةِ الفانِيَةِ، وأعْرَضُوا عَنِ النَّعِيمِ المُقِيمِ الَّذِي بَشَّرَتْ بِهِ الرُّسُلُ، واجْتَرَءُوا عَلى ارْتِكابِ ما يَجُرُّهم إلى العَذابِ المُؤَبَّدِ الَّذِي أنْذَرُوهم إيّاهُ.
﴿وَشَهِدُوا﴾ في الآخِرَةِ.
﴿عَلى أنْفُسِهِمْ أنَّهم كانُوا﴾ في الدُّنْيا.
﴿كافِرِينَ﴾؛ أيْ: بِالآياتِ والنُّذُرِ الَّتِي أتى بِها الرُّسُلُ عَلى التَّفْصِيلِ المَذْكُورِ آنِفًا، واضْطُرُّوا إلى الِاسْتِسْلامِ لِأشَدِّ العَذابِ، كَما يُنْبِئُ عَنْهُ ما حُكِيَ عَنْهم بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَقالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ ما كُنّا في أصْحابِ السَّعِيرِ﴾، وفِيهِ مِن تَحْسِيرِهِمْ وتَحْذِيرِ السّامِعِينَ عَنْ مِثْلِ صَنِيعِهِمْ ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ.
{"ayah":"یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ یَأۡتِكُمۡ رُسُلࣱ مِّنكُمۡ یَقُصُّونَ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِی وَیُنذِرُونَكُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَاۚ قَالُوا۟ شَهِدۡنَا عَلَىٰۤ أَنفُسِنَاۖ وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَشَهِدُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُوا۟ كَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق