﴿إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وهو أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾ تَقْرِيرٌ لِمَضْمُونِ الشَّرْطِيَّةِ وما بَعْدَها، وتَأْكِيدٌ لِما يُفِيدُهُ مِنَ التَّحْذِيرِ؛ أيْ: هو أعْلَمُ بِالفَرِيقَيْنِ، فاحْذَرْ أنْ تَكُونَ مِنَ الأوَّلِينَ.
وَ" مَن " مَوْصُولَةٌ أوْ مَوْصُوفَةٌ في مَحَلِّ النَّصْبِ لا بِنَفْسِ أعْلَمُ، فَإنَّ أفْعَلَ التَّفْضِيلِ لا يَنْصِبُ الظّاهِرَ في مِثْلِ هَذِهِ الصُّوَرِ، بَلْ بِفِعْلٍ دَلَّ هو عَلَيْهِ، أوِ اسْتِفْهامِيَّةٌ مَرْفُوعَةٌ بِالِابْتِداءِ، والخَبَرُ يَضِلُّ، والجُمْلَةُ مُعَلَّقٌ عَنْها الفِعْلُ المُقَدَّرُ.
وَقُرِئَ: ( يُضِلُّ ) بِضَمِّ الياءِ عَلى أنَّ " مَن " فاعِلٌ لِيُضِلُّ، ومَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، ومَحَلُّها النَّصْبُ بِما ذُكِرَ مِنَ الفِعْلِ المُقَدَّرِ؛ أيْ: هو أعْلَمُ يَعْلَمُ مَن يُضِلُّ النّاسَ، فَيَكُونُ تَأْكِيدًا لِلتَّحْذِيرِ عَنْ طاعَةِ الكَفَرَةِ.
وَأمّا أنَّ الفاعِلَ هو اللَّهُ تَعالى و" مَن " مَنصُوبَةٌ بِما ذُكِرَ؛ أيْ: يَعْلَمُ مَن يُضِلُّهُ، أوْ مَجْرُورَةٌ بِإضافَةِ " أعْلَمَ " إلَيْها؛ أيْ: أعْلَمُ المُضِلِّينَ، مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن يُضْلِلِ اللَّهُ﴾، أوْ مِن قَوْلِكَ: أضْلَلْتُهُ: إذا وجَدْتَهُ ضالًّا؛ فَلا يُساعِدُهُ السِّباقُ والسِّياقُ، والتَّفْضِيلُ في العِلْمِ بِكَثْرَتِهِ، وإحاطَتِهِ بِالوُجُوهِ الَّتِي يُمْكِنُ تَعَلُّقُ العِلْمِ بِها ولُزُومُهُ، وكَوْنُهُ بِالذّاتِ لا بِالغَيْرِ.
{"ayah":"إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ مَن یَضِلُّ عَن سَبِیلِهِۦۖ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ"}