الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِئَلا يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ الطَّلَبِيَّةِ المُتَضَمِّنَةِ لِمَعْنى الشَّرْطِ؛ إذِ التَّقْدِيرُ: إنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وتُؤْمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكم كَذا وكَذا لِئَلّا يَعْلَمَ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا مِن أهْلِ الكِتابِ أيْ: لِيَعْلَمُوا و"لا" مَزِيدَةٌ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قِراءَةُ "لِيَعْلَمَ" و"لِكَيْ يَعْلَمَ" و"لِأنْ يَعْلَمَ" بِإدْغامِ النُّونِ في الياءِ و"أنْ" في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ واسْمُها الَّذِي هو ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفٌ والجُمْلَةُ في حَيِّزِ النَّصْبِ عَلى أنَّها مَفْعُولُ "يَعْلَمَ" أيْ: لِيَعْلَمُوا أنَّهُ لا يَنالُونَ شَيْئًا مِمّا ذُكِرَ مِن فَضْلِهِ مِنَ الكِفْلَيْنِ والنُّورِ والمَغْفِرَةِ ولا يَتَمَكَّنُونَ مِن نَيْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَأْتُوا بِشَرْطِهِ الَّذِي هو الإيمانُ بِرَسُولِهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ﴾ عَطْفٌ عَلى "أنْ لا يَقْدِرُونَ"، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ﴾ خَبَرٌ ثانٍ لِـ"أنَّ"، وقِيلَ: هو الخَبَرُ والجارُّ حالٌ لازِمَةٌ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ اعْتِراضٌ تَذْيِيلِيٌّ لِمَضْمُونِ ما قَبْلَهُ، وقَدْ جُوِّزَ أنْ يَكُونَ الأمْرُ بِالتَّقْوى والإيمانِ لِغَيْرِ أهْلِ الكِتابِ فالمَعْنى: اتَّقُوا اللَّهَ واثْبُتُوا عَلى إيمانِكم بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُؤْتِكم ما وعَدَ مَن آمَنَ مِن أهْلِ الكِتابِ مِنَ الكِفْلَيْنِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أجْرَهم مَرَّتَيْنِ﴾ ولا يَنْقُصُكم مِن مِثْلِ أجْرِهِمْ لِأنَّكم مِثْلُهم في الإيمانَيْنِ لا تُفَرِّقُونَ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُّسُلِهِ، ورُوِيَ أنَّ مُؤْمِنِي أهْلِ الكِتابِ افْتَخَرُوا عَلى سائِرِ المُؤْمِنِينَ بِأنَّهم يُؤْتَوْنَ أجْرَهم مَرَّتَيْنِ وادَّعَوُا الفَضْلَ عَلَيْهِمْ فَنَزَلَتْ، وقُرِئَ "لِيَلا" بِقَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً لِانْفِتاحِها بَعْدَ كَسْرَةٍ، وقُرِئَ بِسُكُونِ الياءِ وفَتْحِ اللّامِ كاسْمِ المَرْأةِ وبِكَسْرِ اللّامِ مَعَ سُكُونِ الياءِ، وقُرِئَ "أنْ لا يَقْدِرُوا" هَذا وقَدْ قِيلَ: "لا" غَيْرُ مَزِيدَةٍ وضَمِيرُ "لا يَقْدِرُونَ" لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ (p-215)الصَّلاةُ والسَّلامُ وأصْحابِهِ، والمَعْنى: لِئَلّا يَعْتَقِدَ أهْلِ الكِتابِ أنَّهُ لا يَقْدِرُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةَ والسَّلامُ والمُؤْمِنُونَ بِهِ عَلى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ الَّذِي هو عِبارَةٌ عَمّا أُوتُوهُ مِن سَعادَةِ الدّارَيْنِ عَلى أنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِعَدَمِ قدرتهمْ عَلى ذَلِكَ كِنايَةٌ عَنْ عِلْمِهِمْ بِقدرتهمْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ﴾ ...إلَخْ عَطْفًا عَلى "أنْ لا يَعْلَمَ". عَنِ النَّبِيِّ ﷺ « "مَن قَرَأ سُورَةَ الحَدِيدِ كُتِبَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ".»
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب