وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأصْحابُ المَيْمَنَةِ ما أصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾ ﴿وَأصْحابُ المَشْأمَةِ ما أصْحابُ المَشْأمَةِ﴾ تَقْسِيمٌ وتَنْوِيعٌ لِلْأزْواجِ الثَّلاثَةِ مَعَ الإشارَةِ الإجْمالِيَّةِ إلى أحْوالِهِمْ قَبْلَ تَفْصِيلِها فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾ مُبْتَدَأٌ وقَوْلُهُ: ﴿ما أصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾ خَبَرُهُ عَلى أنَّ "ما" الِاسْتِفْهامِيَّةَ مُبْتَدَأٌ ثانٍ ما بَعْدَهُ خَبَرُهُ والجُمْلَةُ خَبَرُ الأوَّلِ والأصْلُ ما هُمْ؟ أيْ: أيُّ شَيْءٍ هم في حالِهِمْ وصِفَتِهِمْ؟ فَإنَّ "ما" وإنْ شاعَتْ في طَلَبِ مَفْهُومِ الِاسْمِ والحَقِيقَةِ لَكِنَّها قَدْ يُطْلَبُ بَها الصِّفَةُ والحالُ تَقُولُ: ما زَيْدٌ؟ فَيُقالُ: عالِمٌ أوْ طَبِيبٌ، فَوَضْعُ الظّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِكَوْنِهِ أدْخَلَ في التَّفْخِيمِ وكَذا الكَلامُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأصْحابُ المَشْأمَةِ ما أصْحابُ المَشْأمَةِ﴾ والمُرادُ: تَعْجِيبُ السّامِعِ مِن شَأْنِ الفَرِيقَيْنِ في الفَخامَةِ والفَظاعَةِ كَأنَّهُ قِيلَ: فَأصْحابُ المَيْمَنَةِ في غايَةِ حُسْنِ الحالِ وأصْحابُ المَشْأمَةِ في نِهايَةِ سُوءِ الحالِ وتَكَلَّمُوا في الفَرِيقَيْنِ فَقِيلَ: أصْحابُ المَيْمَنَةِ أصْحابُ المَنزِلَةِ السَّنِيَّةِ وأصْحابُ المَشْأمَةِ أصْحابُ المَنزِلَةِ الدَّنِيَّةِ أخْذًا مِن تَيَمُّنِهِمْ بِالمَيامِنِ وتَشاؤُمِهِمْ بِالشَّمائِلِ، وقِيلَ: الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ صَحائِفَهم بِأيْمانِهِمْ والَّذِينَ يُؤْتَوْنَها بِشَمائِلِهِمْ، وقِيلَ: الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذاتَ اليَمِينِ إلى الجَنَّةِ والَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذاتَ الشِّمالِ إلى النّارِ، وقِيلَ: أصْحابُ اليَمِينِ وأصْحابُ الشُّؤْمِ فَإنَّ السُّعَداءَ مَيامِينُ عَلى أنْفُسِهِمْ بِطاعَتِهِمْ والأشْقِياءُ مَشائِيمُ عَلَيْها بِمَعاصِيهِمْ.
{"ayahs_start":8,"ayahs":["فَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَیۡمَنَةِ مَاۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَیۡمَنَةِ","وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ مَاۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ"],"ayah":"وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ مَاۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ"}