الباحث القرآني

﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾، ﴿وَمَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ هي أصْنامٌ كانَتْ لَهُمْ، فاللّاتُ كانَتْ لِثَقِيفٍ بِالطّائِفِ. وقِيلَ: لِقُرَيْش بِنَخْلَةٍ وهي فَعَلَةٌ مِن لَوى لِأنَّهم كانُوا يَلْوُونَ عَلَيْها ويَطُوفُونَ بِها، وقُرِئَ بِتَشْدِيدِ التّاءِ عَلى أنَّهُ اسْمُ فاعِلٍ اشْتُهِرَ بِهِ رَجُلٌ كانَ يَلُتُّ السَّمْنَ بِالزَّيْتِ ويُطْعِمُهُ (p-158)الحاجَّ. وقِيلَ: كانَ يَلُتُّ السَّوِيقَ بِالطّائِفِ ويُطْعِمُهُ الحاجَّ فَلَمّا ماتَ عَكَفُوا عَلى قَبْرِهِ يَعْبُدُونَهُ. وقِيلَ: كانَ يَجْلِسُ عَلى حَجَرٍ فَلَمّا ماتَ سُمِّيَ الحَجَرُ بِاسْمِهِ وعُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ. وقِيلَ: كانَ الحَجْرُ عَلى صُورَتِهِ، والعُزّى تَأْنِيثُ الأعَزِّ كانَتْ لِغَطَفانَ وهي سَمُرَةً كانُوا يَعْبُدُونَها فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خالِدَ بْنَ الوَلِيدِ فَقَطَعَها فَخَرَجَتْ مِنها شَيْطانَةٌ ناشِرَةٌ شَعْرَها واضِعَةً يَدَها عَلى رَأْسِها وهي تُوَلْوِلُ فَجَعَلَ خالِدٌ يَضْرِبُها بِالسَّيْفِ حَتّى قَتْلَها فَأخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: تِلْكَ العُزّى ولَنْ تُعْبَدَ أبَدًا، ومَناةُ صَخْرَةٌ لِهُذَيْلٍ وخُزاعَةَ. وقِيلَ لِثَقِيفٍ وكَأنَّها سُمِّيَتْ مَناةَ لِأنَّ دِماءَ النِّسائِكَ تُمْنى عِنْدَها أيْ: تُراقُ، وقُرِئَ "وَمُناءَةَ" وهي مُفْعَلَةٌ مِنَ النَّوْءِ كَأنَّهم كانُوا يَسْتَمْطِرُونَ عِنْدَها الأنْواءَ تَبَرُّكًا بِها والأُخْرى صِفَةُ ذَمٍّ لَها وهي المُتَأخِّرَةُ الوَضِيعَةُ المِقْدارِ، وقَدْ جُوِّزَ أنْ تَكُونَ الأوَّلِيَّةُ والتَّقَدُّمُ عِنْدَهم لِلّاتِ والعُزّى ثُمَّ إنَّهم كانُوا مَعَ ما ذُكِرَ مِن عِبادَتِهِمْ لَها يَقُولُونَ: إنَّ المَلائِكَةَ وتِلْكَ الأصْنامَ بَناتُ اللَّهِ تَعالى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَقِيلَ لَهم تَوْبِيخًا وتَبْكِيتًا: ﴿أفَرَأيْتُمُ﴾ ...إلَخْ والهَمْزَةُ لِلْإنْكارِ والفاءُ لِتَوْجِيهِهِ إلى تَرْتِيبِ الرُّؤْيَةِ عَلى ما ذَكَرَ مِن شُؤُونِ اللَّهِ تَعالى المُنافِيَةِ لَها غايَةَ المُنافاةِ وهي قَلْبِيَّةٌ ومَفْعُولُها الثّانِي مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ الحالِ عَلَيْهِ، فالمَعْنى: عَقِيبُ ما سَمِعْتُمْ مِن آثارِ كَمالِ عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ في مُلْكِهِ ومَلَكُوتِهِ وجَلالِهِ وجَبَرُوتِهِ وإحْكامِ قدرته ونَفاذِ أمْرِهِ في المَلَأِ الأعْلى وما تَحْتَ الثَّرى وما بَيْنَهُما رَأيْتُمْ هَذِهِ الأصْنامَ مَعَ غايَةِ حَقارَتِها وقَماءَتِها بَناتٍ لَهُ تَعالى. وقِيلَ: المَعْنى: أفَرَأيْتُمْ هَذِهِ الأصْنامَ مَعَ حَقارَتِها وذِلَّتِها شُرَكاءَ اللَّهِ تَعالى مَعَ ما تَقَدَّمَ مِن عَظَمَتِهِ. وقِيلَ: أخْبَرُونِي عَنْ آلِهَتِكم هَلْ لَها شَيْءٌ مِنَ القُدْرَةِ والعَظَمَةِ الَّتِي وُصِفَ بِها رَبُّ العِزَّةِ في الآيِ السّابِقَةِ. وقِيلَ: المَعْنى: أظْنَنْتُمْ أنَّ هَذِهِ الأصْنامَ الَّتِي تَعْبُدُونَها تَنْفَعُكم. وقِيلَ: أظْنَنْتُمْ أنَّها تَشْفَعُ لَكم في الآخِرَةِ. وقِيلَ: أفَرَأيْتُمْ إلى هَذِهِ الأصْنامِ إنْ عَبَدْتُمُوها لا تَنْفَعْكم وإنْ تَرَكْتُمُوَها لا تَضُرَّكُمْ، والأوَّلُ هو الحَقُّ كَما يَشْهَدُ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب