الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ شُرُوعٌ في بَيانِ الشَّرائِعِ المُتَعَلِّقَةِ بِما يَجْرِي بَيْنَهم وبَيْنَ غَيْرِهِمْ إثْرَ بَيانِ ما يَتَعَلَّقُ بِأنْفُسِهِمْ. ﴿كُونُوا قَوّامِينَ لِلَّهِ﴾ مُقِيمِينَ لِأوامِرِهِ، مُمْتَثِلِينَ بِها، مُعَظِّمِينَ لَها، مُراعِينَ لِحُقُوقِها. ﴿شُهَداءَ بِالقِسْطِ﴾؛ أيْ: بِالعَدْلِ. ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾؛ أيْ: لا يَحْمِلَنَّكم، ﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾؛ أيْ: شِدَّةُ بُغْضِكم لَهم. ﴿عَلى ألا تَعْدِلُوا﴾ فَلا تَشْهَدُوا في حُقُوقِهِمْ بِالعَدْلِ، أوْ فَتَعْتَدُوا عَلَيْهِمْ بِارْتِكابِ ما لا يَحِلُّ، كَمُثْلَةٍ، وقَذْفٍ، وقَتْلِ نِساءٍ وصِبْيَةٍ، ونَقْضِ عَهْدٍ تَشَفِّيًا، وغَيْرِ ذَلِكَ. ﴿اعْدِلُوا هُوَ﴾؛ أيِ: العَدْلُ. ﴿أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ، صَرَّحَ لَهم بِالأمْرِ بِالعَدْلِ، وبَيَّنَ أنَّهُ بِمَكانٍ مِنَ التَّقْوى بَعْدَما نَهاهم عَنِ الجَوْرِ، وبَيَّنَ أنَّهُ مُقْتَضى الهَوى، وإذا كانَ وُجُوبُ العَدْلِ في حَقِّ الكُفّارِ بِهَذِهِ المَثابَةِ، فَما ظَنُّكَ بِوُجُوبِهِ في حَقِّ المُسْلِمِينَ. ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ أمَرَ بِالتَّقْوى إثْرَ ما بَيَّنَ أنَّ العَدْلَ أقْرَبُ لَهُ؛ اعْتِناءً بِشَأْنِهِ وتَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ مِلاكُ الأمْرِ. ﴿إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ مِنَ الأعْمالِ فَيُجازِيكم بِذَلِكَ، وتَكْرِيرُ هَذا الحُكْمِ إمّا لِاخْتِلافِ السَّبَبِ، كَما قِيلَ: إنَّ الأوَّلَ نَزَلَ في المُشْرِكِينَ، وهَذا في اليَهُودِ، أوْ لِمَزِيدِ الِاهْتِمامِ بِالعَدْلِ، والمُبالَغَةِ في إطْفاءِ ثائِرَةِ الغَيْظِ. والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها، وإظْهارُ الجَلالَةِ لِما مَرَّ مَرّاتٍ، وحَيْثُ كانَ مَضْمُونُها مُنْبِئًا عَنِ الوَعْدِ والوَعِيدِ، عَقَّبَ بِالوَعْدِ لِمَن يُحافِظُ عَلى طاعَتِهِ تَعالى، وبِالوَعِيدِ لِمَن يُخِلُّ بِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب