الباحث القرآني

﴿قُلْ﴾ أمْرٌ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِإلْزامِهِمْ وتَبْكِيتِهِمْ إثْرَ تَعْجِيبِهِ مِن أحْوالِهِمْ. ﴿أتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: مُتَجاوِزِينَ إيّاهُ، وتَقْدِيمُهُ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما لا يَمْلِكُ لَكم ضَرًّا ولا نَفْعًا﴾ لِما مَرَّ مِرارًا مِنَ الِاهْتِمامِ بِالمُقَدَّمِ والتَّشْوِيقِ إلى المُؤَخَّرِ، والمَوْصُولُ عِبارَةٌ عَنْ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وإيثارُهُ عَلى كَلِمَةِ " مَن "، لِتَحْقِيقِ ما هو المُرادُ مِن كَوْنِهِ بِمَعْزِلٍ مِنَ الأُلُوهِيَّةِ رَأْسًا، بِبَيانِ انْتِظامِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ في سِلْكِ الأشْياءِ الَّتِي لا قُدْرَةَ لَها عَلى شَيْءٍ أصْلًا، وهو عَلَيْهِ السَّلامُ وإنْ كانَ يَمْلِكُ ذَلِكَ بِتَمْلِيكِهِ تَعالى إيّاهُ، لَكِنَّهُ لا يَمْلِكُهُ مِن ذاتِهِ، ولا يَمْلِكُ مِثْلَ ما يَضُرُّ بِهِ اللَّهُ تَعالى مِنَ البَلايا والمَصائِبِ، وما يَنْفَعُ بِهِ مِنَ الصِّحَّةِ. وَتَقْدِيمُ الضَّرَرِ عَلى النَّفْعِ؛ لِأنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ أهَمُّ مِن تَحَرِّي النَّفْعِ، ولِأنَّ أدْنى دَرَجاتِ التَّأْثِيرِ دَفْعُ الشَّرِّ، ثُمَّ جَلْبُ الخَيْرِ. وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ هو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ " أتَعْبُدُونَ "، مُؤَكِّدٌ لِلْإنْكارِ والتَّوْبِيخِ، ومُقَرِّرٌ لِلْإلْزامِ والتَّبْكِيتِ، والرّابِطُ هو الواوُ؛ أيْ: أتُشْرِكُونَ بِاللَّهِ تَعالى ما لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ مِن ضَرِّكم ونَفْعِكم، والحالُ أنَّ اللَّهَ تَعالى هو المُخْتَصُّ بِالإحاطَةِ التّامَّةِ بِجَمِيعِ المَسْمُوعاتِ، والمَعْلُوماتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الأقْوالِ الباطِلَةِ، والعَقائِدِ الزّائِغَةِ، والأعْمالِ السَّيِّئَةِ، وبِالقُدْرَةِ الباهِرَةِ عَلى جَمِيعِ المَقْدُوراتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها مَضارُّكم ومَنافِعُكم في الدُّنْيا والآخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب