الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكم هُزُوًا ولَعِبًا﴾ رُوِيَ أنَّ رِفاعَةَ بْنَ زَيْدٍ وسُوَيْدَ بْنَ الحَرْثِ أظْهَرا الإسْلامَ ثُمَّ نافَقا، وكانَ رِجالٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ يُوادُّونَهُما، فَنُهُوا عَنْ مُوالاتِهِما، ورُتِّبَ النَّهْيُ عَلى وصْفٍ يَعُمُّهُما وغَيْرَهُما تَعْمِيمًا لِلْحُكْمِ، وتَنْبِيها عَلى العِلَّةِ، وإيذانًا بِأنَّ مَن هَذا شَأْنُهُ جَدِيرٌ بِالمُعاداةِ، فَكَيْفَ بِالمُوالاةِ. ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنَ قَبْلِكُمْ﴾ بَيانٌ لِلْمُسْتَهْزِئِينَ، والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ إيتاءِ الكِتابِ لِبَيانِ كَمالِ شَناعَتِهِمْ وغايَةِ ضَلالَتِهِمْ، لِما أنَّ إيتاءَ الكِتابِ وازِعٌ لَهم عَنْ الِاسْتِهْزاءِ بِالدِّينِ المُؤَسَّسِ عَلى الكِتابِ المُصَدِّقِ لِكِتابِهِمْ. ﴿والكُفّارَ﴾؛ أيِ: المُشْرِكِينَ، خُصُّوا بِهِ لِتَضاعُفِ كُفْرِهِمْ، وهو عَطْفٌ عَلى المَوْصُولِ الأوَّلِ، فَفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّهم لَيْسُوا بِمُسْتَهْزِئِينَ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ تَخْصِيصُ الخِطابِ بِأهْلِ الكِتابِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أهْلَ الكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنّا﴾ الآيَةَ. وقُرِئَ بِالجَرِّ عَطْفًا عَلى المَوْصُولِ الأخِيرِ، ويَعْضُدُهُ قِراءَةُ أُبَيٍّ: ( ومِنَ الكُفّارِ )، وقِراءَةُ عَبْدِ اللَّهِ: ( ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا )، فَهم أيْضًا مِن جُمْلَةِ المُسْتَهْزِئِينَ. ﴿أوْلِياءَ﴾ وجانِبُوهم كُلَّ المُجانَبَةِ. ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ في ذَلِكَ بِتَرْكِ مُوالاتِهِمْ، أوْ بِتَرْكِ المَناهِي عَلى الإطْلاقِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ تَرْكُ مُوالاتِهِمْ دُخُولًا أوَّلِيًّا. ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: حَقًّا، فَإنَّ قَضِيَّةَ الإيمانِ تُوجِبُ الِاتِّقاءَ لا مَحالَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب