الباحث القرآني

﴿يُرِيدُونَ أنْ يَخْرُجُوا مِنَ النّارِ﴾ اسْتِئْنافٌ مَسُوقٌ لِبَيانِ حالِهِمْ في أثْناءِ مُكابَدَةِ العَذابِ، مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ نَشَأ مِمّا قَبْلَهُ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَكَيْفَ يَكُونُ حالُهم ؟ أوْ ماذا يَصْنَعُونَ ؟ فَقِيلَ: يُرِيدُونَ ... إلَخْ. وقَدْ بُيِّنَ في تَضاعِيفِهِ أنَّ عَذابَهم عَذابُ النّارِ، قِيلَ: إنَّهم يَقْصِدُونَ ذَلِكَ ويَطْلُبُونَ المَخْرَجَ، فَيَلْفَحُهم لَهَبُ النّارِ ويَرْفَعُهم إلى فَوْقُ، فَهُناكَ يُرِيدُونَ الخُرُوجَ ﴿وَلاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ . وقِيلَ: يَكادُونَ يَخْرُجُونَ مِنها لِقُوَّةِ النّارِ وزِيادَةِ رَفْعِها إيّاهم. وقِيلَ: يَتَمَنَّوْنَهُ ويُرِيدُونَهُ بِقُلُوبِهِمْ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَما هم بِخارِجِينَ مِنها﴾ إمّا حالٌ مِن فاعِلِ يُرِيدُونَ، أوِ اعْتِراضٌ، وأيًّا ما كانَ فَإيثارُ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ عَلى الفِعْلِيَّةِ مُصَدَّرَةً بِما الحِجازِيَّةِ الدّالَّةِ بِما في خَبَرِها مِنَ الباءِ عَلى تَأْكِيدِ النَّفْيِ، لِبَيانِ كَمالِ سُوءِ حالِهِمْ بِاسْتِمْرارِ عَدَمِ خُرُوجِهِمْ مِنها، فَإنَّ الجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ الإيجابِيَّةَ كَما تُفِيدُ بِمَعُونَةِ المَقامِ دَوامَ الثُّبُوتِ، تُفِيدُ السَّلْبِيَّةُ أيْضًا بِمَعُونَتِهِ دَوامَ النَّفْيِ لا نَفْيَ الدَّوامِ، كَما مَرَّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما أنا بِباسِطٍ﴾ ... إلَخْ. وقُرِئَ: ( أنْ يَخْرُجُوا ) عَلى بِناءِ المَفْعُولِ مِنَ الإخْراجِ. ﴿وَلَهم عَذابٌ مُقِيمٌ﴾ تَصْرِيحٌ بِما أُشِيرَ إلَيْهِ آنِفًا مِن عَدَمِ تَناهِي مُدَّتِهِ بَعْدَ بَيانِ شِدَّتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب