الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ تَذْكِيرٌ لِنِعْمَةِ الإنْجاءِ مِنَ الشَّرائِرِ إثْرَ تَذْكِيرِ نِعْمَةِ إيصالِ الخَيْرِ الَّذِي هو نِعْمَةُ الإسْلامِ، وما يَتْبَعُها مِنَ المِيثاقِ، وعَلَيْكم مُتَعَلِّقٌ بِنِعْمَةِ اللَّهِ، أوْ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنها.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ هَمَّ قَوْمٌ﴾ عَلى الأوَّلِ ظَرْفٌ لِنَفْسِ النِّعْمَةِ، وعَلى الثّانِي لِما تَعَلَّقَ بِهِ عَلَيْكم، ولا سَبِيلَ إلى كَوْنِهِ ظَرْفًا لِاذْكُرُوا، لِتَنافِي زَمانَيْهِما؛ أيِ: اذْكُرُوا إنْعامَهُ تَعالى عَلَيْكم، أوِ اذْكُرُوا نِعْمَتَهُ كائِنَةً عَلَيْكم في وقْتِ هَمِّهِمْ.
﴿أنْ يَبْسُطُوا إلَيْكم أيْدِيَهُمْ﴾؛ أيْ: بِأنْ يَبْطِشُوا بِكم بِالقَتْلِ والإهْلاكِ، يُقالُ: بَسَطَ إلَيْهِ يَدَهُ: إذا بَطَشَ بِهِ، وبَسَطَ إلَيْهِ لِسانَهُ: إذا شَتَمَهُ. وتَقْدِيمُ الجارِّ والمَجْرُورِ عَلى المَفْعُولِ الصَّرِيحِ؛ لِلْمُسارَعَةِ إلى بَيانِ رُجُوعِ ضَرَرِ البَسْطِ وغائِلَتِهِ إلَيْهِمْ، حَمْلًا لَهم مِن أوَّلِ الأمْرِ عَلى الِاعْتِدادِ بِنِعْمَةِ دَفْعِهِ، كَما أنَّ تَقْدِيمَ " لَكم " في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكم ما في الأرْضِ﴾ لِلْمُبادَرَةِ إلى بَيانِ كَوْنِ المَخْلُوقِ مِن مَنافِعِهِمْ تَعْجِيلًا لِلْمَسَرَّةِ.
﴿فَكَفَّ أيْدِيَهم عَنْكُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى " هم "، وهو النِّعْمَةُ الَّتِي أُرِيدَ تَذْكِيرُها وذِكْرًا لَهم؛ لِلْإيذانِ بِوُقُوعِها عِنْدَ مَزِيدِ الحاجَةِ إلَيْها، والفاءُ لِلتَّعْقِيبِ المُفِيدِ لِتَمامِ النِّعْمَةِ وكَمالِها، وإظْهارُ أيْدِيهِمْ في مَوْقِعِ الإضْمارِ لِزِيادَةِ التَّقْرِيرِ؛ أيْ: مَنَعَ أيْدِيَهم أنْ تُمَدَّ إلَيْكم عَقِيبَ هَمِّهِمْ بِذَلِكَ، لا أنَّهُ كَفَّها عَنْكم بَعْدَما مَدُّوها إلَيْكم، وفِيهِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى كَمالِ النِّعْمَةِ مِن حَيْثُ إنَّها لَمْ تَكُنْ مَشُوبَةً بِضَرَرِ الخَوْفِ، والِانْزِعاجِ الَّذِي قَلَّما يَعْرى عَنْهُ الكَفُّ بَعْدَ المَدِّ ما لا يَخْفى مَكانُهُ، وذَلِكَ ما رُوِيَ أنَّ المُشْرِكِينَ رَأوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وأصْحابَهُ بِعُسْفانَ في غَزْوَةِ ذِي أنْمارٍ، وهي غَزْوَةُ ذاتِ الرِّقاعِ، وهي السّابِعَةُ مِن مَغازِيهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، قامُوا إلى الظُّهْرِ مَعًا، فَلَمّا صَلَّوْا نَدِمَ المُشْرِكُونَ ألّا كانُوا قَدْ أكَبُّوا عَلَيْهِمْ، فَقالُوا: إنَّ لَهم بَعْدَها صَلاةً هي أحَبُّ إلَيْهِمْ مِن آبائِهِمْ وأبْنائِهِمْ، يَعْنُونَ: صَلاةَ العَصْرِ، وهَمُّوا أنْ يُوقِعُوا بِهِمْ إذا قامُوا إلَيْها، فَرَدَّ اللَّهُ تَعالى كَيْدَهم بِأنْ أنْزَلَ صَلاةَ الخَوْفِ.
وَقِيلَ: هو ما رُوِيَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أتى بَنِي قُرَيْظَةَ، ومَعَهُ الشَّيْخانِ وعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم، يَسْتَقْرِضُهم لِدِيَةِ مُسْلِمَيْنِ قَتَلَهُما عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ خَطَأً يَحْسَبُهُما مُشْرِكَيْنِ، فَقالُوا: نَعَمْ يا أبا القاسِمِ، اجْلِسْ حَتّى نُطْعِمَكَ ونُعْطِيَكَ ما سَألْتَ، فَأجْلَسُوهُ في صُفَّةٍ وهَمُّوا بِالفَتْكِ بِهِ، وعَمَدَ عَمْرُو ابْنُ جِحاشٍ إلى رَحًا عَظِيمَةٍ يَطْرَحُها عَلَيْهِ، فَأمْسَكَ اللَّهُ تَعالى يَدَهُ، ونَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأخْبَرَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ» .
وَقِيلَ: هو ما رُوِيَ «أنَّهُ ﷺ نَزَلَ مَنزِلًا، وتَفَرَّقَ أصْحابُهُ في العِضاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِها، فَعَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَيْفَهُ بِشَجَرَةٍ، فَجاءَ أعْرابِيٌّ فَأخَذَهُ وسَلَّهُ، فَقالَ: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ فَقالَ ﷺ: اللَّهُ تَعالى، فَأسْقَطَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن يَدِهِ، فَأخَذَهُ الرَّسُولُ ﷺ، فَقالَ: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ فَقالَ: لا أحَدَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ» اللَّهِ.
﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ عَطْفٌ عَلى اذْكُرُوا؛ أيِ: اتَّقُوهُ في رِعايَةِ حُقُوقِ نِعْمَتِهِ ولا تُخِلُّوا بِشُكْرِها، أوْ في كُلِّ ما تَأْتُونَ وما تَذَرُونَ، فَيَدْخُلُ فِيهِ ما ذُكِرَ دُخُولًا أوَّلِيًّا.
﴿وَعَلى اللَّهِ﴾؛ أيْ: عَلَيْهِ تَعالى خاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ، اسْتِقْلالًا واشْتِراكًا.
﴿فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ فَإنَّهُ يَكْفِيهِمْ في إيصالِ كُلِّ خَيْرٍ ودَفْعِ كُلِّ شَرٍّ، والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِما قَبْلَهُ، وإيثارُ صِيغَةِ أمْرِ الغائِبِ، وإسْنادُها إلى المُؤْمِنِينَ لِإيجابِ التَّوَكُّلِ عَلى (p-14)المُخاطَبِينَ بِالطَّرِيقِ البُرْهانِيِّ، ولِلْإيذانِ بِأنَّ ما وُصِفُوا بِهِ عِنْدَ الخِطابِ مِن وصْفِ الإيمانِ داعٍ إلى ما أُمِرُوا بِهِ مِنَ التَّوَكُّلِ والتَّقْوى، وازِعٌ عَنِ الإخْلالِ بِهِما. وإظْهارُ الِاسْمِ الجَلِيلِ في مَوْقِعِ الإضْمارِ؛ لِتَعْلِيلِ الحُكْمِ وتَقْوِيَةِ اسْتِقْلالِ الجُمْلَةِ التَّذْيِيلِيَّةِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ هَمَّ قَوۡمٌ أَن یَبۡسُطُوۤا۟ إِلَیۡكُمۡ أَیۡدِیَهُمۡ فَكَفَّ أَیۡدِیَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق