الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ شُرُوعٌ في النَّهْيِ عَنِ التَّجاوُزِ في كَيْفِيَّةِ القَوْلِ عِنْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ التَّجاوُزِ في نَفْسِ القَوْلِ، والفِعْلِ وإعادَةُ النِّداءِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ بِهِ لِلْمُبالَغَةِ في الإيقاظِ والتَّنْبِيهِ والإشْعارِ بِاسْتِقْلالِ كُلٍّ مِنَ الكَلامَيْنِ بِاسْتِدْعاءِ الِاعْتِناءِ بِشَأْنِهِ أيْ: لا تَبْلُغُوا بِأصْواتِكم وراءَ حَدٍّ يَبْلُغُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِصَوْتِهِ، وقُرِئَ "لا تَرْفَعُوا بِأصْواتِكُمْ" عَلى أنَّ الباءَ زائِدَةٌ.
﴿وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ﴾ إذا كَلَّمْتُمُوهُ.
﴿كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ﴾ أيْ: جَهْرًا كائِنًا كالجَهْرِ الجارِي فِيما بَيْنَكم بَلِ اجْعَلُوا صَوْتَكم أخْفَضَ مِن صَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وتَعَهَّدُوا في مُخاطَبَتِهِ اللِّينَ القَرِيبَ مِنَ الهَمْسِ كَما هو الدَّأْبُ عِنْدَ مُخاطَبَةِ المَهِيبِ المُعَظَّمِ وحافِظُوا عَلى مُراعاةِ أُبَّهَةِ النُّبُوَّةِ وجَلالَةِ مِقْدارِها. وقِيلَ: مَعْنى: ﴿وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ﴾ لا تَقُولُوا لَهُ يا مُحَمَّدُ يا أحْمَدُ وخاطِبُوهُ بِالنُّبُوَّةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قالَ أبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ، واللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ إلّا السِّرارَ أوْ أخا السِّرارِ حَتّى ألْقى اللَّهُ تَعالى. وعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ كانَ يُكَلِّمُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَأخِي السِّرارِ لا يَسْمَعُهُ حَتّى يَسْتِفْهِمَهُ وكانَ أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا قَدِمَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَمَ الوُفُودُ أرْسَلَ إلَيْهِمْ مَن يُعَلِّمُهم كَيْفَ يُسَلِّمُونَ ويَأْمُرُهم بِالسَّكِينَةِ والوَقارِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ﴾ إمّا عِلَّةٌ لِلنَّهْيِ أيْ: لا تَجْهَرُوا خَشْيَةَ أنْ تُحْبَطَ أوْ كَراهَةَ أنْ تُحْبَطَ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم أنْ تَضِلُّوا﴾ أوْ لِلْنَهْيِ أيْ: لا تَجْهَرُوا لِأجْلِ الحُبُوطِ فَإنَّ الجَهْرَ حَيْثُ كانَ بِصَدَدِ الأداءِ إلى الحُبُوطِ فَكَأنَّهُ فَعَلَ لِأجْلِهِ عَلى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِيَكُونَ لَهم عَدُوًّا وحَزَنًا﴾ ولَيْسَ المُرادُ بِما نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الرَّفْعِ والجَهْرِ ما يُقارِنُهُ الِاسْتِخْفافُ والِاسْتِهانَةُ فَإنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ بَلْ ما يُتَوَهَّمُ أنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ مِمّا يَجْرِي بَيْنَهم في أثْناءِ المُحاوَرَةِ مِنَ الرَّفْعِ والجَهْرِ حَسَبَما يُعْرِبُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَجَهْرِ بَعْضِكم (p-117)لِبَعْضٍ﴾ خَلا أنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا كانَ مُنْكَرًا مَحْضًا لَمْ يُقَيَّدْ بِشَيْءٍ ولا ما يَقَعُ مِنهُما في حَرْبٍ أوْ مُجادَلَةِ مُعانِدٍ أوِ إرْهابِ عَدُوٍّ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما نَزَلَتْ في ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ وكانَ في أُذُنِهِ وقْرٌ وكانَ جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ ورُبَّما كانَ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيَتَأذّى بِصَوْتِهِ. وعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّهُ لَمّا نَزَلَتِ الآيَةُ فُقِدَ ثابِتٌ وتَفَقَّدَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَأخْبَرَ بِشَأْنِهِ فَدَعاهُ فَسَألَهُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ إلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وإنِّي رَجُلٌ جَهِيرُ الصَّوْتِ فَأخافُ أنْ يَكُونَ عَمَلِي قَدْ حَبِطَ فَقالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: لَسْتَ هُناكَ إنَّكَ تَعِيشُ بِخَيْرٍ وتَمُوتُ بِخَيْرٍ وإنَّكَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ.» وأمّا ما يُرْوى عَنِ الحَسَن ِ مِن أنَّها نَزَلَتْ في بَعْضِ المُنافِقِينَ الَّذِينَ كانُوا يَرْفَعُونَ أصْواتَهم فَوْقَ صَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَقَدْ قِيلَ: مَحْمَلُهُ أنَّ نَهْيَهم مُنْدَرِجٌ تَحْتَ نَهْيِ المُؤْمِنِينَ بِدَلالَةِ النَّصِّ.
﴿وَأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ "تَحْبَطَ" أيْ: والحالُ أنَّكم لا تَشْعُرُونَ بِحُبُوطِها وفِيهِ مَزِيدُ تَحْذِيرٍ مِمّا نُهُوا عَنْهُ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











