الباحث القرآني
﴿مُحَمَّدٌ﴾ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾ بَدَلٌ أوْ بَيانٌ أوْ نَعْتٌ أيْ: ذَلِكَ الرَّسُولُ المُرْسَلُ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وقِيلَ: " ﴿مُحَمَّدٌ﴾ " مُبْتَدَأٌ "رَسُولُ اللَّهِ" خَبَرُهُ والجُمْلَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ مَعَهُ﴾ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ﴿أشِدّاءُ عَلى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ﴾ وأشِدّاءُ: جَمْعُ شَدِيدٍ ورُحَماءُ: جَمْعُ رَحِيمٍ، والمَعْنى: أنَّهم يُظْهِرُونَ لِمَن خالَفَ دِينَهُمُ الشِّدَّةَ والصَّلابَةَ ولِمَن وافَقَهم في الدِّينِ الرَّحْمَةَ والرَّأْفَةَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ﴾ وقُرِئَ "أشِدّاءَ" و"رُحَماءَ" بِالنَّصْبِ عَلى المَدْحِ أوْ عَلى الحالِ مِنَ المُسْتَكِنِّ في مَعَهُ لِوُقُوعِهِ صِلَةً فالخَبَرُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَراهم رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ أيْ: تُشاهِدُهم حالَ كَوْنِهِمْ راكِعِينَ ساجِدِينَ لِمُواظَبَتِهِمْ عَلى الصَّلَواتِ وهو عَلى الأوَّلِ خَبَرٌ آخَرُ أوِ اسْتِئْنافٌ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ ورِضْوانًا﴾ أيْ: ثَوابًا ورِضًا إمّا خَبَرٌ آخَرُ أوْ حالٌ مِن ضَمِيرِ "تَراهُمْ" أوْ مِنَ المُسْتَتِرِ في ﴿رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ أوِ اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ نَشَأ مِن بَيانِ مُواظَبَتِهِمْ عَلى الرُّكُوعِ والسُّجُودِ كَأنَّهُ قِيلَ: ماذا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ؟ فَقِيلَ: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ...إلَخْ.
﴿سِيماهُمْ﴾ أيْ: سَمْتُهُمْ، وقُرِئَ "سِيمْياؤُهُمْ" بِالياءِ بَعْدَ المِيمِ والمَدِّ وهُما لُغَتانِ وفِيها لُغَةٌ ثالِثَةٌ هي "السِّيماءُ" بِالمَدِّ وهو مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ﴿فِي وُجُوهِهِمْ﴾ أيْ: في جِباهِهِمْ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن أثَرِ السُّجُودِ﴾ حالٌ مِنَ المُسْتَكِنِّ في الجارِّ أيْ: مِنَ التَّأْثِيرِ الَّذِي يُؤَثِّرُهُ كَثْرَةُ السُّجُودِ. وما رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِن قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿لا تَعْبُدُوا صُوَرَكُمْ﴾ أيْ: لا تُسَمُّوها إنَّما هو فِيما إذا اعْتَمَدَ بِجَبْهَتِهِ عَلى الأرْضِ لِيُحْدِثَ فِيها تِلْكَ السِّمَةَ وذَلِكَ مَحْضُ رِياءٍ ونِفاقٍ والكَلامُ فِيما حَدَثَ في جَبْهَةِ السَّجّادِ الَّذِي لا يَسْجُدُ إلّا خالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. كانَ الإمامُ زَيْنُ العابِدِينَ وعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَبّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما يُقالُ لَهُما: ذُوا الثَّفِناتِ لِما أحْدَثَتْ كَثْرَةُ سُجُودِهِما في مَواقِعِهِ مِنهُما أشْباهَ ثَفِناتِ البَعِيرِ قالَ قائِلُهُمْ:
؎ دِيارُ عَلِيٍّ والحُسَيْنِ وجَعْفَرٍ ∗∗∗ وحَمْزَةَ والسَّجّادِ ذِي الثَّفِناتِ
وَقِيلَ: صُفْرَةُ الوَجْهِ مِن خَشْيَةِ اللَّهِ تَعالى. وقِيلَ: نَدى الطَّهُورِ وتُرابُ الأرْضِ. وقِيلَ: اسْتِنارَةُ وُجُوهِهِمْ مِن طُولِ ما صَلَّوْا بِاللَّيْلِ. قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿مَن كَثُرَتْ صَلاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وجْهُهُ بِالنَّهارِ﴾ وقُرِئَ مِن "آثارِ السُّجُودِ" و"مِن إثْرِ السُّجُودِ" بِكَسْرِ الهَمْزَةِ.
﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى ما ذُكِرَ (p-115)مِن نُعُوتِهِمُ الجَلِيلَةِ وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ بِالمُشارِ إلَيْهِ لِلْإيذانِ بِعُلُوِّ شَأْنِهِ وبُعْدِ مَنزِلَتِهِ في الفَضْلِ وهو مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَثَلُهُمْ﴾ أيْ: وصْفُهُمُ العَجِيبُ الشَّأْنِ الجارِي في الغَرابَةِ مَجْرى الأمْثالِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِي التَّوْراةِ﴾ حالٌ مِن "مَثَلُهُمْ" والعامِلُ مَعْنى الإشارَةِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَثَلُهم في الإنْجِيلِ﴾ عَطْفٌ عَلى "مَثَلُهُمْ" الأوَّلِ كَأنَّهُ قِيلَ: ذَلِكَ مَثَلُهم في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ، وتَكْرِيرُ "مَثَلُهُمْ" لِتَأْكِيدِ غَرابَتِهِ وزِيادَةِ تَقْرِيرِها وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَزَرْعٍ أخْرَجَ شَطْأهُ﴾ ...إلَخْ تَمْثِيلٌ مُسْتَأْنَفٌ أيْ: هم كَزَرْعٍ أخْرَجَ فِراخَهُ. وقِيلَ: هو تَفْسِيرٌ لِذَلِكَ عَلى أنَّهُ إشارَةٌ مُبْهَمَةٌ. وقِيلَ: خَبَرٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمَثَلُهم في الإنْجِيلِ﴾ عَلى أنَّ الكَلامَ قَدْ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَثَلُهم في التَّوْراةِ﴾ وقُرِئَ "شَطَأهُ" بِفَتَحاتٍ وقُرِئَ "شَطاهُ" بِفَتْحِ الطّاءِ وتَخْفِيفِ الهَمْزَةِ و"شَطاءَهُ" بِالمَدِّ و"شَطَهُ" بِحَذْفِ الهَمْزَةِ ونَقْلِ حَرَكَتِها إلى ما قَبْلَها و"شَطُّوُهُ" بِقَلْبِها واوًا.
﴿فَآزَرَهُ﴾ فَقَوّاهُ مِنَ المُؤازَرَةِ بِمَعْنى المُعاوَنَةِ أوْ مِنَ الإيزارِ وهي الإعانَةُ، وقُرِئَ "فَأزَرَهُ" بِالتَّخْفِيفِ و"أزَّرَهُ" بِالتَّشْدِيدِ أيْ: شَدَّ أزْرَهُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاسْتَغْلَظَ﴾ فَصارَ غَلِيظًا بَعْدَ ما كانَ دَقِيقًا.
﴿فاسْتَوى عَلى سُوقِهِ﴾ فاسْتَقامَ عَلى قَصَبِهِ جَمْعُ ساقٍ، وقُرِئَ "سُؤْقِهِ" بِالهَمْزَةِ.
﴿يُعْجِبُ الزُّرّاعَ﴾ بِقُوَّتِهِ وكَثافَتِهِ وغِلَظِهِ وحُسْنِ مَنظَرِهِ وهو مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ لِأصْحابِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قَلُّوا في بَدْءِ الإسْلامِ ثُمَّ كَثُرُوا واسْتَحْكَمُوا فَتَرَقّى أمْرُهم يَوْمًا فَيَوْمًا بِحَيْثُ أعْجَبَ النّاسَ. وقِيلَ: مَكْتُوبٌ في الإنْجِيلِ "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ يَنْبُتُونَ نَباتَ الزَّرْعِ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ" وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفّارَ﴾ عِلَّةٌ لِما يُعْرِبُ عَنْهُ الكَلامُ مِن تَشَبُّهِهِمْ بِالزَّرْعِ في زَكائِهِ واسْتِحْكامِهِ أوْ لِما بَعْدَهُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنهم مَغْفِرَةً وأجْرًا عَظِيمًا﴾ فَإنَّ الكَفّارَ إذا سَمِعُوا بِما أُعِدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ في الآخِرَةِ مَعَ ما لَهم في الدُّنْيا مِنَ العِزَّةِ غاظَهم ذَلِكَ أشَدَّ غَيْظٍ ومِنهم لِلْبَيانِ. عَنِ النَّبِيِّ ﷺ « "مَن قَرَأ سُورَةَ الفَتْحِ فَكَأنَّما كانَ مِمَّنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتْحَ مَكَّةَ ".»
{"ayah":"مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَ ٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِی ٱلۡإِنجِیلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ یُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق