الباحث القرآني

﴿وَيَقُولُونَ﴾ شُرُوعٌ في بَيانِ مُعامَلَتِهِمْ مَعَ الرَّسُولِ ﷺ بَعْدَ بَيانِ وُجُوبِ طاعَتِهِ، أيْ: يَقُولُونَ إذا أمَرْتَهم بِشَيْءٍ. ﴿طاعَةٌ﴾ أيْ: أمْرُنا وشَأْنُنا طاعَةٌ أوْ مِنّا طاعَةٌ، والأصْلُ النَّصْبُ عَلى المَصْدَرِ والرَّفْعُ لِلدِّلالَةِ عَلى الثَّباتِ كَسَلامٌ. ﴿فَإذا بَرَزُوا مِن عِنْدِكَ﴾ أيْ: خَرَجُوا مِن مَجْلِسِكَ. ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنهُمْ﴾ أيْ: مِنَ القائِلِينَ المَذْكُورِينَ وهم رُؤَساؤُهم. ﴿غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ أيْ: زَوَّرَتْ طائِفَةٌ مِنهم وسَوَّتْ خِلافَ ما قالَتْ لَكَ مِنَ القَبُولِ وضَمانِ الطّاعَةِ لِأنَّهم مُصِرُّونَ عَلى الرَّدِّ والعِصْيانِ وإنَّما يُظْهِرُونَ ما يُظْهِرُونَ عَلى وجْهِ النِّفاقِ أوْ خِلافَ ما قُلْتَ لَها، والتَّبْيِيتُ: إمّا مِنَ البَيْتُوتَةِ لِأنَّهُ قَضاءُ الأمْرِ وتَدْبِيرُهُ بِاللَّيْلِ يُقالُ: هَذا أمْرٌ بُيِّتَ بِلَيْلٍ، وإمّا مِن بَيْتِ الشِّعْرِ لِأنَّ الشّاعِرَ يُدَبِّرُهُ ويَسُوبُهُ، وتَذْكِيرُ الفِعْلِ لِأنَّ تَأْنِيثَ الطّائِفَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وقُرِئَ بِإدْغامِ التّاءِ في الطّاءِ لِقُرْبِ المَخْرَجِ، وإسْنادُهُ إلى طائِفَةٍ مِنهم لِبَيانِ أنَّهُمُ المُتَصَدُّونَ لَهُ بِالذّاتِ والباقُونَ أتْباعٌ لَهم في ذَلِكَ لا لِأنَّ الباقِينَ ثابِتُونَ عَلى الطّاعَةِ. ﴿واللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ﴾ أيْ: يَكْتُبُهُ في جُمْلَةِ ما يُوحى إلَيْكَ فَيُطْلِعُكَ عَلى أسْرارِهِمْ فَلا يَحْسَبُوا أنَّ مَكْرَهم يَخْفى عَلَيْكم فَيَجِدُوا بِذَلِكَ إلى الإضْرارِ بِكم سَبِيلًَا أوْ يُثْبِتُهُ في صَحائِفِهِمْ فَيُجازِيهِمْ عَلَيْهِ وأيًَّا ما كانَ؛ فالجُمْلَةُ اعْتِراضِيَّةٌ. ﴿فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أيْ: لا تُبالِ بِهِمْ وبِما صَنَعُوا أوْ تَجافَ عَنْهم ولا تَتَصَدَّ لِلِانْتِقامِ مِنهم والفاءُ لِسَبَبِيَّةِ ما قَبْلَها لِما بَعْدَها. ﴿وَتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ﴾ في كُلِّ ما تَأْتِي وما تَذَرُ لا سِيَّما في شَأْنِهِمْ وإظْهارُ الجَلالَةِ في مَقامِ الإضْمارِ لِلْإشْعارِ بِعِلَّةِ الحُكْمِ. ﴿وَكَفى بِاللَّهِ وكِيلا﴾ فَيَكْفِيكَ مَعْرِفَتَهم ويَنْتَقِمُ لَكَ مِنهم والإظْهارُ هَهُنا أيْضًَا لِما مَرَّ والتَّنْبِيهِ عَلى اسْتِقْلالِ الجُمْلَةِ واسْتِغْنائِها عَمّا عَداها مِن كُلِّ وجْهٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب