الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أمْوالَكم (p-170)بَيْنَكم بِالباطِلِ﴾ شُرُوعٌ في بَيانِ بَعْضِ الحُرُماتِ المُتَعَلِّقَةِ بِالأمْوالِ والأنْفُسِ إثْرَ بَيانِ الحُرُماتِ المُتَعَلِّقَةِ بِالأبْضاعِ، وتَصْدِيرُ الخِطابِ بِالنِّداءِ والتَّنْبِيهِ لِإظْهارِ كَمالِ العِنايَةِ بِمَضْمُونِهِ والمُرادُ بِالباطِلِ: ما يُخالِفُ الشَّرْعَ كالغَصْبِ والسَّرِقَةِ والخِيانَةِ والقِمارِ وعُقُودِ الرِّبا وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا لَمْ يُبِحْهُ الشَّرْعُ، أيْ: لا يَأْكُلْ بَعْضُكم أمْوالَ بَعْضٍ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ.
﴿إلا أنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنكُمْ﴾ اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ و"عَنْ" مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِـ"تِجارَةً" أيْ: إلّا أنْ تَكُونَ التِّجارَةُ تِجارَةً صادِرَةً عَنْ تَراضٍ كَما في قَوْلِهِ:
؎ إذا كانَ يَوْمًَا ذا كَواكِبَ أشْنَعًَا
أيْ: إذا كانَ اليَوْمُ يَوْمًَا إلَخْ أوْ إلّا أنْ تَكُونَ الأمْوالُ أمْوالَ تِجارَةٍ، وقُرِئَ "تِجارَةٌ" بِالرَّفْعِ عَلى أنَّ كانَ تامَّةٌ، أيْ: ولَكِنِ اقْصُدُوا كَوْنَ تِجارَةٍ عَنْ تَراضٍ أيْ: وُقُوعَها أوْ ولَكِنَّ وُجُودَ تِجارَةٍ عَنْ تَراضٍ غَيْرُ مَنهِيٍّ عَنْهُ، وتَخْصِيصُها بِالذِّكْرِ مِن بَيانِ سائِرِ أسْبابِ المِلْكِ لِكَوْنِها مُعْظَمَها وأغْلَبَها وُقُوعًَا وأوْفَقَها لِذَوِي المُرُوءاتِ، والمُرادُ بِالتَّراضِي: مُراضاةُ المُتَبايِعَيْنِ فِيما تَعاقَدا عَلَيْهِ في حالِ المُبايَعَةِ وقْتَ الإيجابِ والقَبُولِ عِنْدَنا وعِنْدَ الشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ حالَةَ الِافْتِراقِ عَنْ مَجْلِسِ العَقْدِ.
﴿وَلا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ أيْ: مَن كانَ مِن جِنْسِكم مِنَ المُؤْمِنِينَ فَإنَّ كُلَّهم كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، وعَنِ الحَسَنِ: تَقْتُلُوا إخْوانَكُمْ، والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِالأنْفُسِ لِلْمُبالَغَةِ في الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِهِمْ بِتَصْوِيرِهِ بِصُورَةِ ما لا يَكادُ يَفْعَلُهُ عاقِلٌ أوْ لا تُهْلِكُوا أنْفُسَكم بِتَعْرِيضِها لِلْعِقابِ بِاقْتِرافِ ما يُفْضِي إلَيْهِ فَإنَّهُ القَتْلُ الحَقِيقِيُّ لَها كَما يُشْعِرُ بِهِ إيرادُهُ عَقِيبَ النَّهْيِ عَنْ أكْلِ الحَرامِ فَيَكُونُ مُقَرِّرًَا لِلنَّهْيِ السّابِقِ. وقِيلَ: لا تَقْتُلُوا أنْفُسَكم بِالبَخْعِ كَما يَفْعَلُهُ بَعْضُ الجَهَلَةِ أوْ بِارْتِكابِ ما يُؤَدِّي إلى القَتْلِ مِنَ الجِناياتِ. وقِيلَ: بِإلْقائِها في التَّهْلُكَةِ، وأُيِّدَ بِما رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ أنَّهُ تَأوَّلَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِخَوْفِ البَرْدِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ. وقُرِئَ "وَلا تُقَتِّلُوا" بِالتَّشْدِيدِ لِلتَّكْثِيرِ وقَدْ جُمِعَ في التَّوْصِيَةِ بَيْنَ حِفْظِ النَّفْسِ وحِفْظِ المالِ لِما أنَّهُ شَقِيقُها مِن حَيْثُ أنَّهُ سَبَبٌ لِقِوامِها وتَحْصِيلِ كَمالاتِها واسْتِيفاءِ فَضائِلِها وتَقْدِيمُ النَّهْيِ عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ.
﴿إنَّ اللَّهَ كانَ بِكم رَحِيمًا﴾ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنافِ، أيْ: مُبالِغًَا في الرَّحْمَةِ والرَّأْفَةِ ولِذَلِكَ نَهاكم عَمّا نَهى فَإنَّ ذَلِكَ رَحْمَةٌ عَظِيمَةٌ لَكم بِالزَّجْرِ عَنِ المَعاصِي ولِلَّذِينَ هم في مَعْرِضِ التَّعَرُّضِ لَهم بِحِفْظِ أمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ. وقِيلَ: مَعْناهُ: إنَّهُ كانَ بِكم يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ رَحِيمًَا حَيْثُ أمَرَ بَنِي إسْرائِيلَ بِقَتْلِهِمْ أنْفُسَهم لِيَكُونَ تَوْبَةً لَهم وتَمْحِيصًَا لِخَطاياهم ولَمْ يُكَلِّفْكم تِلْكَ التَّكالِيفَ الشّاقَّةَ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأۡكُلُوۤا۟ أَمۡوَ ٰلَكُم بَیۡنَكُم بِٱلۡبَـٰطِلِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً عَن تَرَاضࣲ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق