الباحث القرآني
﴿يا أيُّها النّاسُ﴾ تَلْوِينٌ لِلْخِطابِ وتَوْجِيهٌ لَهُ إلى كافَّةِ المُكَلَّفِينَ إثْرَ بَيانِ بُطْلانِ ما عَلَيْهِ الكَفَرَةُ مِن فُنُونِ الكُفْرِ والضَّلالِ وإلْزامِهِمْ بِالبَراهِينِ القاطِعَةِ الَّتِي تَخِرُّ لَها صُمُّ الجِبالِ وإزاحَةِ شُبَهِهِمُ الواهِيَةِ بِالبَيِّناتِ الواضِحَةِ وتَنْبِيهٌ لَهم عَلى أنَّ الحُجَّةَ قَدْ تَمَّتْ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ عِلَّةٌ لِمُتَعَلِّلٍ ولا عُذْرٌ لِمُعْتَذِرٍ.
﴿قَدْ جاءَكُمْ﴾ أيْ: وصَلَ إلَيْكم وتَقَرَّرَ في قُلُوبِكم بِحَيْثُ لا سَبِيلَ لَكم إلى الإنْكارِ.
﴿بُرْهانٌ﴾ البُرْهانُ: ما يُبَرْهَنُ بِهِ عَلى المَطْلُوبِ والمُرادُ بِهِ: القرآن الدّالُّ عَلى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ ﷺ المُثْبِتُ لِما فِيهِ مِنَ الأحْكامِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما أُشِيرَ إلَيْهِ مِمّا أثْبَتَتْهُ الآياتُ الكَرِيمَةُ مِن حَقِّيَّةِ الحَقِّ وبُطْلانِ الباطِلِ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ ﷺ عُبِّرَ عَنْهُ بِهِ لِما مَعَهُ مِنَ المُعْجِزاتِ الَّتِي تَشْهَدُ بِصِدْقِهِ. وقِيلَ: هو المُعْجِزاتُ الَّتِي أظْهَرَها. وقِيلَ: هو دِينُ الحَقِّ الَّذِي أتى بِهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن رَبِّكُمْ﴾ إمّا مُتَعَلِّقٌ بِـ"جاءَكُمْ" أوْ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً مُشَرِّفَةً لِـ"بُرْهانٌ" مُؤَكِّدَةً لِما أفادَهُ التَّنْوِينُ مِنَ الفَخامَةِ الذّاتِيَّةِ بِالفَخامَةِ الإضافِيَّةِ أيْ: كائِنٌ مِنهُ تَعالى عَلى أنَّ "مِن" لِابْتِداءِ الغايَةِ مَجازًَا، وقَدْ جُوِّزَ عَلى الثّانِي كَوْنُها تَبْعِيضِيَّةً بِحَذْفِ المُضافِ أيْ: كائِنٌ مِن بَراهِينِ رَبِّكم والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ الربوبية مَعَ الإضافَةِ إلى ضَمِيرِ المُخاطَبِينَ لِإظْهارِ اللُّطْفِ بِهِمْ والإيذانِ بِأنَّ مَجِيئَهُ إلَيْهِمْ لِتَرْبِيَتِهِمْ وتَكْمِيلِهِمْ.
﴿وَأنْزَلْنا إلَيْكم نُورًا مُبِينًا﴾ أُرِيدَ بِهِ أيْضًَا القرآن الكَرِيمُ عُبِّرَ عَنْهُ تارَةً بِالبُرْهانِ لِما أُشِيرَ إلَيْهِ آنِفًَا وأُخْرى بِالنُّورِ المُنِيرِ بِنَفْسِهِ المُنَوِّرِ لِغَيْرِهِ إيذانًَا (p-263)بِأنَّهُ بَيِّنٌ بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنٍ في ثُبُوتِ حَقِّيَّتِهِ وكَوْنِهِ مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى بِإعْجازِهِ غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى غَيْرِهِ مُبَيِّنٌ لِغَيْرِهِ مِنَ الأُمُورِ المَذْكُورَةِ وإشْعارًَا بِهِدايَتِهِ لِلْخَلْقِ وإخْراجِهِمْ مِن ظُلُماتِ الكُفْرِ إلى نُورِ الإيمانِ، وقَدْ سَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ العَطْفِ المَبْنِيِّ عَلى تَغايُرِ الطَّرَفَيْنِ تَنْزِيلًَا لِلْمُغايَرَةِ العُنْوانِيَّةِ مَنزِلَةَ المُغايَرَةِ الذّاتِيَّةِ وعَبَّرَ عَنْ مُلابَسَتِهِ لِلْمُخاطَبِينَ تارَةً بِالمَجِيءِ المُسْنَدِ إلَيْهِ المُنْبِئِ عَنْ كَمالِ قُوَّتِهِ في البُرْهانِيَّةِ كَأنَّهُ يَجِيءُ بِنَفْسِهِ فَيُثْبِتُ أحْكامَهُ مِن غَيْرِ أنْ يَجِيءَ بِهِ أحَدٌ ويَجِيءَ عَلى شُبَهِ الكَفَرَةِ بِالإبْطالِ وأُخْرى بِالإنْزالِ المُوقَعِ عَلَيْهِ المُلائِمِ لِحَيْثِيَّةِ كَوْنِهِ نُورًَا تَوْقِيرًَا لَهُ بِاعْتِبارِ كُلِّ واحِدٍ مِن عُنْوانِيَّةِ حَظِّهِ اللّائِقِ بِهِ، وإسْنادُ إنْزالِهِ إلَيْهِ تَعالى بِطَرِيقِ الِالتِفاتِ لِكَمالِ تَشْرِيفِهِ، هَذا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ البُرْهانِ عِبارَةً عَنِ القرآن العَظِيمِ، وأمّا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ عِبارَةً عَنِ الرَّسُولِ ﷺ أوْ عَنِ المُعْجِزاتِ الظّاهِرَةِ عَلى يَدِهِ أوْ عَنِ الدِّينِ الحَقِّ فالأمْرُ هَيِّنٌ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلَيْكُمْ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِـ"أنْزَلْنا" فَإنَّ إنْزالَهُ بِالذّاتِ وإنْ كانَ إلى النَّبِيِّ ﷺ لَكِنَّهُ مُنْزَلٌ إلَيْهِمْ أيْضًَا بِواسِطَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وإنَّما اعْتُبِرَ حالُهُ بِالواسِطَةِ دُونَ حالِهِ بِالذّاتِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ﴾ ونَظائِرِهِ لِإظْهارِ كَمالِ اللُّطْفِ بِهِمْ والتَّصْرِيحِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِمْ مُبالِغًَا في الأعْذارِ، وتَقْدِيمُهُ عَلى المَفْعُولِ الصَّرِيحِ مَعَ أنَّ حَقَّهُ التَّأخُّرُ عَنْهُ لِما مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنَ الاهْتِمامِ بِما قُدِّمَ والتَّشْوِيقِ إلى ما أُخِّرَ ولِلْمُحافَظَةِ عَلى فَواصِلِ الآيِ الكَرِيمَةِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَاۤءَكُم بُرۡهَـٰنࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكُمۡ نُورࣰا مُّبِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق