الباحث القرآني

﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ لَعَلَّ ذِكْرَهم بِهَذا العُنْوانِ لِلْإيذانِ بِكَمالِ عِظَمِ ظُلْمِهِمْ بِتَذْكِيرِ وُقُوعِهِ بَعْدَ أنْ هادُوا أيْ: تابُوا مِن عِبادَةِ العِجْلِ مِثْلَ تِلْكَ التَّوْبَةِ الهائِلَةِ المَشْرُوطَةِ بِبَخْعِ النُّفُوسِ إثْرَ بَيانِ عِظَمِهِ في حَدِّ ذاتِهِ بِالتَّنْوِينِ التَّفْخِيمِيِّ، أيْ: بِسَبَبِ ظُلْمٍ عَظِيمٍ خارِجٍ عَنْ حُدُودِ الأشْباهِ والأشْكالِ الصّادِرِ عَنْهم. ﴿حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ ولِمَن قَبْلَهم لا بِشَيْءٍ غَيْرِهِ كَما زَعَمُوا فَإنَّهم كانُوا كُلَّما ارْتَكَبُوا مَعْصِيَةً مِنَ المَعاصِي الَّتِي اقْتَرَفُوها يُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ نَوْعٌ مِنَ الطَّيِّباتِ الَّتِي كانَتْ مُحَلَّلَةً لَهم ولِمَن تَقَدَّمَهم مِن أسْلافِهِمْ عُقُوبَةً لَهُمْ، وكانُوا مَعَ ذَلِكَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ ويَقُولُونَ: لَسْنا بِأوَّلِ مَن حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وإنَّما كانَتْ عَلى نُوحٍ وإبْراهِيمَ ومَن بَعْدَهُما حَتّى انْتَهى الأمْرُ إلَيْنا فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ في مَواقِعَ كَثِيرَةٍ وبَكَّتَهم بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلا لِبَنِي إسْرائِيلَ إلا ما حَرَّمَ إسْرائِيلَ عَلى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فاتْلُوها إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أيْ: في ادِّعائِكم أنَّهُ تَحْرِيمٌ قَدِيمٌ. رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا كَلَّفَهم إخْراجَ التَّوْراةِ لَمْ يَجْسُرْ أحَدٌ عَلى إخْراجِها لِما أنَّ كَوْنَ التَّحْرِيمِ بِظُلْمِهِمْ كانَ مَسْطُورًَا فِيها فَبُهِتُوا وانْقَلَبُوا صاغِرِينَ. ﴿وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ أيْ: ناسًَا كَثِيرًَا أوْ صَدًَّا كَثِيرًَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب