الباحث القرآني

﴿ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنّاسِ مِن رَحْمَةٍ﴾ عَبَّرَ عَنْ إرْسالِها بِالفَتْحِ إيذانًا بِأنَّها أنْفَسُ الخَزائِنِ الَّتِي يَتَنافَسُ فِيها المُتَنافِسُونَ وأعَزُّها مَنالًا، وتَنْكِيرُها لِلْإشاعَةِ والإبْهامِ، أيْ: أيُّ شَيْءٍ يَفْتَحُ اللَّهُ مِن خَزائِنِ رَحْمَتِهِ - أيَّةَ رَحْمَةٍ كانَتْ مِن نِعْمَةٍ وصِحَّةٍ وأمْنٍ وعِلْمٍ وحِكْمَةٍ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا لا يُحاطُ بِهِ - ﴿فَلا مُمْسِكَ لَها﴾ أيْ: لا أحَدَ يَقْدِرُ عَلى إمْساكِها ﴿وَما يُمْسِكْ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ يُمْسِكْ ﴿فَلا مُرْسِلَ لَهُ﴾ أيْ: لا أحَدَ يَقْدِرُ عَلى إرْسالِهِ، واخْتِلافُ الضَّمِيرَيْنِ لِما أنَّ مَرْجِعَ الأوَّلِ مُفَسَّرٌ بِالرَّحْمَةِ، ومَرْجِعَ الثّانِي مُطْلَقٌ يَتَناوَلُها وغَيْرَها كائِنًا ما كانَ، وفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أيْ: مِن بَعْدِ إمْساكِهِ ﴿وَهُوَ العَزِيزُ﴾ الغالِبُ عَلى كُلِّ ما يَشاءُ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها الفَتْحُ والإمْساكُ ﴿الحَكِيمُ﴾ الَّذِي يَفْعَلُ كُلَّ ما يَفْعَلُ حَسْبَما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ والمَصْلَحَةُ، والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِما قَبْلَها، ومُعْرِبٌ عَنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنَ الفَتْحِ والإمْساكِ بِمُوجِبِ الحِكْمَةِ الَّتِي عَلْيَها يَدُورُ أمْرُ التَّكْوِينِ. وَبَعْدَما بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّهُ المُوجِدُ لِلْمُلْكِ والمَلَكُوتِ، والمُتَصَرِّفُ فِيهِما بِالقَبْضِ والبَسْطِ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لِأحَدٍ في ذَلِكَ دَخْلٌ ما بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ أمْرَ النّاسِ قاطِبَةً - أوْ أهْلَ مَكَّةَ خاصَّةً بِشُكْرِ نِعَمِهِ، فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب