الباحث القرآني

﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكم مَن السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أُمِرَ ﷺ بِتَبْكِيتِ المُشْرِكِينَ بِحَمْلِهِمْ عَلى الإقْرارِ بِأنَّ آلِهَتَهم لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِيهِما، وأنَّ الرّازِقَ هو اللَّهُ تَعالى فَإنَّهم لا يُنْكِرُونَهُ، كَما يَنْطِقُ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكم مِنَ السَّماءِ والأرْضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأبْصارَ ومَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ومَن يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ وحَيْثُ كانُوا يَتَلَعْثَمُونَ أحْيانًا في الجَوابِ مَخافَةَ الإلْزامِ. قِيلَ لَهُ ﷺ: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ إذْ لا جَوابَ سَواءٌ عِنْدَهم أيْضًا. ﴿وَإنّا أوْ إيّاكم لَعَلى هُدًى أوْ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ أيْ: وإنَّ أحَدَ الفَرِيقَيْنِ مِنَ الَّذِينَ يُوَحِّدُونَ المُتَوَحِّدَ بِالرِّزْقِ، والقُدْرَةِ الذّاتِيَّةِ، ويَخُصُّونَهُ بِالعِبادَةِ، والَّذِينَ يُشْرِكُونَ بِهِ في العِبادَةِ الجَمادَ النّازِلَ في أدْنى المَراتِبِ الإمْكانِيَّةِ لَعَلى أحَدِ الأمْرَيْنِ مِنَ الهُدى والضَّلالِ المُبِينِ، وهَذا بَعْدَ ما سَبَقَ مِنَ التَّقْرِيرِ البَلِيغِ النّاطِقِ بِتَعْيِينِ مَن هو عَلى الهُدى، ومَن هو في الضَّلالِ، أبْلَغُ مِنَ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ؛ لِجَرَيانِهِ عَلى سُنَنِ الإنْصافِ المُسْكِتِ لِلْخَصْمِ الألَدِّ. وقُرِئَ: (وَإنّا أوْ إيّاكم إمّا عَلى هُدًى أوْ في ضَلالٍ مُبِينٍ) واخْتِلافُ الجارَّيْنِ لِلْإيذانِ بِأنَّ الهادِيَ كَمَنِ اسْتَعْلى مَنارًا يَنْظُرُ الأشْياءَ، ويَتَطَلَّعُ (p-133)عَلَيْها. والضّالُّ كَأنَّهُ مُنْغَمِسٌ في ظَلامٍ لا يَرى شَيْئًا، أوْ مَحْبُوسٌ في مَطْمُورَةٍ لا يَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ مِنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب