الباحث القرآني
﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ﴾ أيْ: لا تُوجَدُ رَأْسًا كَما في قَوْلِهِ: ولا تَرى الضَّبَّ بِها يَنْجَحِرْ
لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن ذا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإذْنِهِ﴾ وإنَّما عُلِّقَ النَّفْيُ بِنَفْعِها لا بِوُقُوعِها تَصْرِيحًا بِنَفْيِ ما هو غَرَضُهم مِن وُقُوعِها، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا لِمَن أذِنَ لَهُ﴾ اسْتِثْناءٌ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ الأحْوالِ، أيْ: تَقَعُ الشَّفاعَةُ في حالٍ مِنَ الأحْوالِ إلّا كائِنَةً لِمَن أذِنَ لَهُ في الشَّفاعَةِ مِنَ النَّبِيِّينَ والمَلائِكَةِ ونَحْوِهِمْ مِنَ المُسْتَأْهِلِينَ لِمَقامِ الشَّفاعَةِ، فَتَبَيَّنَ حِرْمانُ الكَفَرَةِ مِنها بِالكُلِّيَّةِ. أمّا مِن جِهَةِ أصْنامِهِمْ فَلِظُهُورِ انْتِفاءِ الإذْنِ لَها ضَرُورَةَ اسْتِحالَةِ الإذْنِ في الشَّفاعَةِ لِجَمادٍ لا يَعْقِلُ ولا يَنْطِقُ، وأمّا مِن جِهَةِ مَن يَعْبُدُونَهُ مِنَ المَلائِكَةِ فَلِأنَّ إذْنَهم مَقْصُورٌ عَلى الشَّفاعَةِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَها لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يَتَكَلَّمُونَ إلا مَن أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وقالَ صَوابًا﴾ ومِنَ البَيِّنِ أنَّ الشَّفاعَةَ لِلْكَفَرَةِ بِمَعْزِلٍ مِنَ الصَّوابِ، أوْ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ مِنَ الشُّفَعاءِ المُسْتَأْهِلِينَ لَها في حالٍ مِنَ الأحْوالِ إلّا كائِنَةً لِمَن أذِنَ لَهُ، أيْ: لِأجْلِهِ، وفي شَأْنِهِ مِنَ المُسْتَحِقِّينَ لِلشَّفاعَةِ. وأمّا مَن عَداهم مِن غَيْرِ المُسْتَحِقِّينَ لَها فَلا تَنْفَعُهم أصْلًا، وإنَّ فَرْضَ وُقُوعِها وصُدُورِها عَنِ الشُّفَعاءِ، إذْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهم في شَفاعَتِهِمْ بَلْ في شَفاعَةِ غَيْرِهِمْ. فَعَلى هَذا يَثْبُتُ حِرْمانُهم مِن شَفاعَةِ هَؤُلاءِ بِعِبارَةِ النَّصِّ، ومِن شَفاعَةِ الأصْنامِ بِدَلالَتِهِ إذْ حَيْثُ (p-132)حُرِمُوها مِن جِهَةِ القادِرِينَ عَلى شَفاعَةِ بَعْضِ المُحْتاجِينَ إلَيْها فَلِأنْ حُرِمُوها مِن جِهَةِ العَجَزَةِ عَنْها أوْلى، وقُرِئَ: (أُذِنَ لَهُ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.
﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ أيْ: قُلُوبِ الشُّفَعاءِ، والمَشْفُوعِ لَهم مِنَ المُؤْمِنِينَ. وأمّا الكَفَرَةُ فَهم مِن مَوْقِفِ الِاسْتِشْفاعِ بِمَعْزِلٍ، وعَنِ التَّفْزِيعِ عَنْ قُلُوبِهِمْ بِألْفِ مَنزِلٍ. والتَّفْزِيعُ إزالَةُ الفَزَعِ. ثُمَّ تَرَكَ ذِكْرَ الفَزَعِ وأسْنَدَ الفِعْلَ إلى الجارِّ والمَجْرُورِ، وحَتّى غايَةٌ لِما يُنْبِئُ عَنْهُ ما قَبْلَها مِنَ الإشْعارِ بِوُقُوعِ الإذْنِ لِمَن أُذِنَ لَهُ فَإنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالِاسْتِئْذانِ المُسْتَدْعِي لِلتَّرَقُّبِ، والِانْتِظارِ لِلْجَوابِ كَأنَّهُ سُئِلَ: كَيْفَ يُؤْذَنُ لَهُمْ؟ فَقِيلَ: يَتَرَبَّصُونَ في مَوْقِفِ الِاسْتِئْذانِ والِاسْتِدْعاءِ، ويَتَوَقَّفُونَ عَلى وجَلٍ وفَزَعٍ مَلِيًّا، حَتّى إذا أُزِيلَ الفَزَعُ عَنْ قُلُوبِهِمْ بَعْدَ اللَّتَيّا والَّتِي، وظَهَرَتْ لَهم تَباشِيرُ الإجابَةِ.
﴿قالُوا﴾ أيِ: المَشْفُوعُ لَهم إذْ هُمُ المُحْتاجُونَ إلى الإذْنِ، والمُهْتَمُّونَ بِأمْرِهِ: ﴿ماذا قالَ رَبُّكُمْ﴾ ؟ أيْ: في شَأْنِ الإذْنِ.
﴿قالُوا﴾ أيِ: الشُّفَعاءُ؛ لِأنَّهُمُ المُباشِرُونَ لِلِاسْتِئْذانِ بِالذّاتِ، المُتَوَسِّطُونَ بَيْنَهم وبَيْنَهُ عَزَّ وجَلَّ بِالشَّفاعَةِ.
﴿الحَقَّ﴾ أيْ: قالَ رَبُّنا القَوْلَ الحَقَّ، وهو الإذْنُ في الشَّفاعَةِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَها. وقُرِئَ: (الحَقُّ) مَرْفُوعًا، أيْ: ما قالَهُ الحَقُّ.
﴿وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ مِن تَمامِ كَلامِ الشُّفَعاءِ، قالُوهُ اعْتِرافًا بِغايَةِ عَظَمَةِ جَنابِ العِزَّةِ عَزَّ وجَلَّ، وقُصُورِ شَأْنِ كُلِّ مَن سِواهُ، أيْ: هو المُتَفَرِّدُ بِالعُلُوِّ والكِبْرِياءِ، لَيْسَ لِأحَدٍ مِن أشْرافِ الخَلائِقِ أنْ يَتَكَلَّمَ إلّا بِإذْنِهِ، وقُرِئَ: (فُزِعَ) مُخَفَّفًا بِمَعْنى فُزِّعَ. وقُرِئَ: (فَزِعَ) عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ، وهو اللَّهُ وحْدَهُ. وقُرِئَ: (فُرِعَ) بِالرّاءِ المُهْمَلَةِ، والغَيْنِ المُعْجَمَةِ، أيْ: نُفِيَ الوَجَلُ عَنْها، وأفْنى مِن فَرَغَ الزّادُ إذا لَمْ يَبْقَ مِنهُ شَيْءٌ. وهو مِنَ الإسْنادِ المَجازِيِّ؛ لِأنَّ الفَراغَ وهو الخُلُوُّ حالَ ظَرْفِهِ عِنْدَ نَفادِهِ فَأُسْنِدَ إلَيْهِ عَلى عَكْسِ قَوْلِهِمْ: جَرى النَّهْرُ. وعَنِ الحَسَنِ تَخْفِيفُ الرّاءِ، وأصْلُهُ فَرَغَ الرَّجُلُ عَنْها، أيِ: انْتَفى عَنْها وفَنِيَ، ثُمَّ حُذِفَ الفاعِلُ، وأُسْنِدَ إلى الجارِّ والمَجْرُورِ، وبِهِ يُعْرَفُ حالُ التَّفْرِيغِ. وقُرِئَ: (ارْتَفَعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) بِمَعْنى انْكَشَفَ عَنْها.
{"ayah":"وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُۥۤ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰۤ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُوا۟ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُوا۟ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











