الباحث القرآني

﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن رِجالِكُمْ﴾ أيْ: عَلى الحَقِيقَةِ حَتّى يَثْبُتَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ ما يَثْبُتُ بَيْنَ الوالِدِ ووَلَدِهِ مِن حُرْمَةِ المُصاهَرَةِ وغَيْرِها، ولا يَنْتَقِضُ عُمُومَهُ بِكَوْنِهِ ﷺ أبا الطّاهِرِ والقاسِمِ وإبْراهِيمَ؛ لِأنَّهم لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ، ولَوْ بَلَغُوا لَكانُوا رِجالًا لَهُ ﷺ لا لَهم. ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ أيْ: كانَ رَسُولًا لِلَّهِ، وكُلُّ رَسُولٍ أبُو أُمَّتِهِ لَكِنْ لا حَقِيقَةَ، بَلْ بِمَعْنى أنَّهُ شَفِيقٌ ناصِحٌ لَهم. وسَبَبٌ لِحَياتِهِمُ الأبَدِيَّةِ، وما زَيْدٌ إلّا واحِدٌ مِن رِجالِكُمُ الَّذِينَ لا وِلادَةَ بَيْنَهم وبَيْنَهُ ﷺ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ، ولَيْسَ لِلتَّبَنِّي والِادِّعاءِ حُكْمٌ سِوى التَّقْرِيبِ والِاخْتِصاصِ. ﴿وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ أيْ: كانَ آخِرَهُمُ الَّذِي خُتِمُوا بِهِ، وقُرِئَ بِكَسْرِ التّاءِ، أيْ: كانَ خاتَمَهُمْ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. ولَكِنْ نَبِيًّا خَتَمَ النَّبِيِّينَ وأيًّا ما كانَ فَلَوْ كانَ لَهُ ابْنٌ بالِغٌ لَكانَ نَبِيًّا، ولَمْ يَكُنْ هو ﷺ خاتَمَ النَّبِيِّينَ، كَما يُرْوى أنَّهُ قالَ في إبْراهِيمَ حِينَ تُوُفِّيَ: ««لَوْ عاشَ لَكانَ نَبِيًّا».» ولا يَقْدَحُ فِيهِ نُزُولُ عِيسى بَعْدَهُ عَلَيْهِما السَّلامُ؛ لِأنَّ مَعْنى كَوْنِهِ خاتَمَ النَّبِيِّينَ أنَّهُ لا يُنَبَّأُ أحَدٌ بَعْدَهُ، وعِيسى مِمَّنْ نُبِّئَ قَبْلَهُ، وحِينَ يَنْزِلُ إنَّما يَنْزِلُ عَمَلًا عَلى شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ مُصَلِّيًا إلى قِبْلَتِهِ كَأنَّهُ بَعْضُ أُمَّتِهِ. ﴿وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ ومِن جُمْلَتِهِ هَذِهِ الأحْكامٌ، والحِكَمُ الَّتِي بَيَّنَها لَكُمْ، وكُنْتُمْ مِنها في شَكٍّ مُرِيبٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب