الباحث القرآني

﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى﴾ أيْ: شَأْنَهُ البَدِيعَ المُنْتَظِمَ لِغَرابَتِهِ في سِلْكِ الأمْثالِ. ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيْ: في تَقْدِيرِهِ وحُكْمِهِ. ﴿كَمَثَلِ آدَمَ﴾ أيْ: كَحالِهِ العَجِيبَةِ الَّتِي لا يَرْتابُ فِيها مُرْتابٌ ولا يُنازِعُ فِيها مُنازِعٌ. ﴿خَلَقَهُ مِن تُرابٍ﴾ تَفْسِيرٌ لِما أُبْهِمَ في المَثَلِ وتَفْصِيلٌ لِما أُجْمِلَ فِيهِ و تَوْضِيحٌ لِلتَّمْثِيلِ بِبَيانِ وجْهِ الشَّبَهِ بَيْنَهُما وحَسْمٌ لِمادَّةِ شُبَهِ الخُصُومِ، فَإنَّ إنْكارَ خَلْقِ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِلا أبٍ مِمَّنِ اعْتَرَفَ بِخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِغَيْرِ أبٍ وأُمٍّ مِمّا لا يَكادُ يَصِحُّ، والمَعْنى: خَلَقَ قالَبَهُ مِن تُرابٍ. ﴿ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ﴾ أيْ: أنْشَأهُ بَشَرًَا، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ أوْ قَدَّرَ تَكْوِينَهُ مِنَ التُّرابِ ثُمَّ كَوَّنَهُ، ويَجُوزُ كَوْنُ ثُمَّ لِتَراخِي الإخْبارِ لا لِتَراخِي المُخْبَرِ بِهِ. ﴿فَيَكُونُ﴾ حِكايَةُ حالٍ ماضِيَةٍ. رُوِيَ «أنَّ وفْدَ نَجْرانَ قالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ما لَكَ تَشْتُمُ صاحِبَنا؟ قالَ: وما أقُولُ، قالُوا: تَقُولُ إنَّهُ عَبْدٌ، قالَ: أجَلْ هو عَبْدُ اللَّهِ و رَسُولُهُ و كَلِمَتُهُ ألْقاها إلى العَذْراءِ البَتُولِ فَغَضِبُوا، وقالُوا: هَلْ رَأيْتَ إنْسانًَا مِن غَيْرِ أبٍ، فَحَيْثُ سَلَّمْتَ أنَّهُ لا أبَ لَهُ مِنَ البَشَرِ وجَبَ أنْ يَكُونَ أبُوهُ هو اللَّهَ، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنَّ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ما كانَ لَهُ أبٌ ولا أُمٌّ ولَمْ يَلْزَمْ مِن ذَلِكَ كَوْنُهُ ابْنًَا لِلَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى فَكَذا حالُ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.»
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب