الباحث القرآني

﴿يا مَرْيَمُ﴾ تَكْرِيرُ النِّداءِ لِلْإيذانِ بِأنَّ المَقْصُودَ بِالخِطابِ ما يَرِدُ بَعْدَهُ، و أنَّ ما قَبْلَهُ مِن تَذْكِيرِ النِّعَمِ كانَ تَمْهِيدًَا لِذِكْرِهِ وتَرْغِيبًَا في العَمَلِ بِمُوجِبِهِ. ﴿اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾ أيْ: قُومِي في الصَّلاةِ أوْ أطِيلِي القِيامَ فِيها لَهُ تَعالى، والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ رُبُوبِيَّتِهِ تَعالى لَها لِلْإشْعارِ بِعِلَّةِ وُجُوبِ الِامْتِثالِ بِالأمْرِ. ﴿واسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ﴾ أُمِرَتْ بِالصَّلاةِ بِالجَماعَةِ بِذِكْرِ أرْكانِها مُبالَغَةً في إيجابِ رِعايَتِها و إيذانًَا بِفَضِيلَةِ كُلٍّ مِنها و أصالَتِهِ، و تَقْدِيمُ السُّجُودِ عَلى الرُّكُوعِ إمّا لِكَوْنِ التَّرْتِيبِ في شَرِيعَتِهِمْ كَذَلِكَ، و إمّا لِكَوْنِ السُّجُودِ أفْضَلَ أرْكانِ الصَّلاةِ وأقْصى مَراتِبِ الخُضُوعِ، ولا يَقْتَضِي ذَلِكَ كَوْنَ التَّرْتِيبِ الخارِجِيِّ كَذَلِكَ بَلِ اللّائِقُ بِهِ التَّرَقِّي مِنَ الأدْنى إلى الأعْلى و إمّا لِيَقْتَرِنَ ارْكَعِي بِالرّاكِعِينَ لِلْإشْعارِ بِأنَّ مَن لا رُكُوعَ في صَلاتِهِمْ لَيْسُوا مُصَلِّينَ، و أمّا ما قِيلَ مِن أنَّ الواوَ لا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ فَغايَتُهُ التَّصْحِيحُ لا التَّرْجِيحُ، و تَجْرِيدُ الأمْرِ بِالرُّكْنَيْنِ الأخِيرَيْنِ عَمّا قُيِّدَ بِهِ الأوَّلُ لِما أنَّ المُرادَ تَقْيِيدُ الأمْرِ بِالصَّلاةِ بِذَلِكَ و قَدْ فَعَلَ، حَيْثُ قَيَّدَ بِهِ الرُّكْنَ الأوَّلَ مِنها، وقِيلَ: المُرادُ بِالقُنُوتِ إدامَةُ الطّاعاتِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أمَّنْ هو قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِدًا وقائِمًا﴾ و بِالسُّجُودِ الصَّلاةُ لِما مَرَّ مِن أنَّهُ أفْضَلُ أرْكانِها، و بِالرُّكُوعِ الخُشُوعُ والإخْباتُ. قِيلَ: لَمّا أُمِرَتْ بِذَلِكَ قامَتْ في الصَّلاةِ حَتّى ورِمَتْ قَدَماها وسالَتْ دَمًَا وقَيْحًَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب