الباحث القرآني

﴿رَبَّنا إنَّكَ مَن تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ﴾ مُبالَغَةٌ في اسْتِدْعاءِ الوِقايَةِ وبَيانٌ لِسَبَبِهِ، وتَصْدِيرُ الجُمْلَةِ بِالنِّداءِ لِلْمُبالَغَةِ في التَّضَرُّعِ والجُؤارِ وتَأْكِيدُها لِإظْهارِ كَمالِ اليَقِينِ بِمَضْمُونِها والإيذانِ بِشِدَّةِ الخَوْفِ، وإظْهارُ النّارِ في مَوْضِعِ الإضْمارِ لِتَهْوِيلِ أمْرِها وذِكْرُ الإدْخالِ في مَوْرِدِ العَذابِ لِتَعْيِينِ كَيْفِيَّتِهِ وتَبْيِينِ غايَةِ فَظاعَتِهِ. قالَ الواحِدِيُّ: لِلْإخْزاءِ مَعانٍ مُتَقارِبَةٌ يُقالُ أخْزاهُ اللَّهُ أيْ: أبْعَدَهُ. وقِيلَ: أهانَهُ. وقِيلَ: أهْلَكَهُ. وقِيلَ: فَضَحَهُ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الخِزْيُ لُغَةً الهَلاكُ بِتَلَفٍ أوْ بِانْقِطاعِ حُجَّةٍ أوْ بِوُقُوعٍ في بَلاءٍ، والمَعْنى: فَقَدْ أخْزَيْتَهُ خِزْيًَا لا غايَةَ وراءَهُ كَقَوْلِهِمْ: مَن أدْرَكَ مَرْعى الصِّمانِ فَقَدْ أدْرَكَ أيِّ المَرْعى الَّذِي لا مَرْعى بَعْدَهُ، وفِيهِ مِنَ الإشْعارِ بِفَظاعَةِ العَذابِ الرُّوحانِيِّ ما لا يَخْفى. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما لِلظّالِمِينَ مِن أنْصارٍ﴾ تَذْيِيلٌ لِإظْهارِ نِهايَةِ فَظاعَةِ حالِهِمْ بِبَيانِ خُلُودِ عَذابِهِمْ بِفُقْدانِ مَن يَنْصُرُهم ويَقُومُ بِتَخْلِيصِهِمْ، وغَرَضُهم تَأْكِيدُ الِاسْتِدْعاءِ ووَضْعُ الظّالِمِينَ مَوْضِعَ ضَمِيرِ المُدْخَلِينَ لِذَمِّهِمْ والإشْعارِ بِتَعْلِيلِ دُخُولِهِمُ النّارَ بِظُلْمِهِمْ ووَضْعِهِمُ الأشْياءَ في غَيْرِ مَواضِعِها، وجَمْعُ الأنْصارِ بِالنَّظَرِ إلى جَمْعِ الظّالِمِينَ، أيْ: ما لِظالِمٍ مِنَ الظّالِمِينَ نَصِيرٌ مِنَ الأنْصارِ، والمُرادُ بِهِ: مَن يَنْصُرُ بِالمُدافَعَةِ والقَهْرِ فَلَيْسَ في الآيَةِ دِلالَةٌ عَلى نَفْيِ الشَّفاعَةِ، عَلى أنَّ المُرادَ بِالظّالِمِينَ هُمُ الكُفّارُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب