الباحث القرآني
﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما نُمْلِي لَهم خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ﴾ الآيَةِ والفِعْلُ مُسْنَدٌ إلى المَوْصُولِ وأنَّ بِما في حَيِّزِها سادَّةٌ مَسَدَّ مَفْعُولَيْهِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِتَمامِ المَقْصُودِ بِها، وهو تَعَلُّقُ الفِعْلِ القَلْبِيِّ بِالنِّسْبَةِ بَيْنَ المُبْتَدَإ والخَبَرِ، أوْ مَسَدَّ أحَدِهِما والآخَرُ مَحْذُوفٌ عِنْدَ الأخْفَشِ، و"ما" مَصْدَرِيَّةٌ أوْ مَوْصُولَةٌ حُذِفَ عائِدُها ووَصْلُها في الكِتابَةِ لِاتِّباعِ الإمامِ، أيْ: لا يَحْسَبَنَّ الكافِرُونَ أنَّ إمْلاءَنا لَهم أوْ أنَّ ما نُمْلِيهِ لَهم خَيْرٌ لِأنْفُسِهِمْ أوْ لا يَحْسَبَنَّ الكافِرُونَ خَيْرِيَّةَ إمْلائِنا لَهم أوْ خَيْرِيَّةَ ما نُمْلِيهِ لَهم ثابِتَةً أوْ واقِعَةً ومَآلُهُ نَهْيُهم عَنِ السُّرُورِ بِظاهِرِ إمْلائِهِ تَعالى لَهم بِناءً عَلى حُسْبانِ خَيْرِيَّتِهِ لَهم وتَحْسِيرُهم بِبَيانِ أنَّهُ شَرٌّ بَحْتٌ وضَرَرٌ مَحْضٌ كَما أنَّ مَآلَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ نَهْيُ الرَّسُولِ ﷺ عَنِ الحُزْنِ بِظاهِرِ حالِ الكَفَرَةِ بِناءً عَلى تَوَهُّمِ الضَّرَرِ مِن قِبَلِهِمْ وتَسْلِيَتُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِبَيانِ عَجْزِهِمْ عَنْ ذَلِكَ بِالكُلِّيَّةِ، والمُرادُ بِالمَوْصُولِ إمّا جِنْسُ الكَفَرَةِ فَيَنْدَرِجُ تَحْتَ حُكْمِهِ الكُلِّيِّ أحْكامُ المَعْهُودِينَ انْدِراجًَا أوَّلِيًَّا، وإمّا المَعْهُودُونَ خاصَّةً فَإيثارُ الإظْهارِ عَلى الإضْمارِ لِرِعايَةِ المُقارَنَةِ الدّائِمَةِ بَيْنَ الصِّلَةِ وبَيْنَ الإمْلاءِ الَّذِي هو عِبارَةٌ عَنْ إمْهالِهِمْ وتَخْلِيَتِهِمْ وشَأْنَهم دَهْرًَا طَوِيلًَا فَإنَّ المُقارِنَ لَهُ دائِمًَا إنَّما هو الكُفْرُ المُسْتَمِرُّ لا المُسارَعَةُ المَذْكُورَةُ ولا الِاشْتِراءُ المَذْكُورُ فَإنَّهُما مِنَ الأحْوالِ المُتَجَدِّدَةِ المُنْقَضِيَةِ في تَضاعِيفِ الكُفْرِ المُسْتَمِرِّ. وقُرِئَ "لا تَحْسَبَنَّ" بِالتّاءِ، والخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو الأنْسَبُ بِمَقامِ التَّسْلِيَةِ أوْ لِكُلِّ مَن يَتَأتّى مِنهُ الحُسْبانُ قَصْدًَا إلى إشاعَةِ فَظاعَةِ حالِهِمْ، والمَوْصُولُ مَفْعُولٌ و"أنَّما نُمْلِي لَهُمْ" إمّا بَدَلٌ مِنهُ وحَيْثُ كانَ التَّعْوِيلُ عَلى البَدَلِ وهو سادٌّ مَسَدَّ المَفْعُولَيْنِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى:﴿أمْ تَحْسَبُ أنَّ أكْثَرَهم يَسْمَعُونَ﴾ اقْتُصِرَ عَلى مَفْعُولٍ واحِدٍ كَما في قَوْلِكَ: "جَعَلْتُ المَتاعَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ" وإمّا مَفْعُولٌ ثانٍ بِتَقْدِيرِ مُضافِ إمّا فِيهِ، أيْ: لا تَحْسَبَنَّ (p-118)الَّذِينَ كَفَرُوا أصْحابَ أنَّ الإمْلاءَ خَيْرٌ لِأنْفُسِهِمْ، أوْ في المَفْعُولِ الأوَّلِ، أيْ: لا تَحْسَبَنَّ حالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّ الإمْلاءَ خَيْرٌ لِأنْفُسِهِمْ ومَعْنى التَّفْضِيلِ بِاعْتِبارِ زَعْمِهِمْ.
﴿إنَّما نُمْلِي لَهم لِيَزْدادُوا إثْمًا﴾ اسْتِئْنافٌ مُبَيِّنٌ لِحِكْمَةِ الإمْلاءِ، و"ما" كافَّةٌ واللّامُ لامُ الإرادَةِ، وعِنْدَ المُعْتَزِلَةِ لامُ العاقِبَةِ. وقُرِئَ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ هَهُنا عَلى إيقاعِ الفِعْلِ عَلَيْهِ وكَسْرُها فِيما سَبَقَ عَلى أنَّهُ اعْتِراضٌ بَيْنَ الفِعْلِ ومَعْمُولِهِ مُفِيدٌ لِمَزِيدِ الِاعْتِناءِ بِإبْطالِ الحُسْبانِ، ورَدِّهِ عَلى مَعْنى لا يَحْسَبَنَّ الكافِرُونَ أنَّ إمْلاءَنا لَهم لِازْدِيادِ الإثْمِ حَسْبَما هو شَأْنُهم بَلْ إنَّما هو لِتَلافِي ما فَرَطَ مِنهم بِالتَّوْبَةِ والدُّخُولِ في الإيمانِ.
﴿وَلَهُمْ﴾ في الآخِرَةِ.
﴿عَذابٌ مُهِينٌ﴾ لَمّا تَضَمَّنَ الإمْلاءُ التَّمْتِيعَ بِطَيِّباتِ الدُّنْيا وزِينَتِها وذَلِكَ مِمّا يَسْتَدْعِي التَّعَزُّزَ والتَّجَبُّرَ، وُصِفَ عَذابُهم بِالإهانَةِ لِيَكُونَ جَزاؤُهم جَزاءً وِفاقًَا، والجُمْلَةُ إمّا مُبْتَدَأةٌ مُبَيِّنَةٌ لِحالِهِمْ في الآخِرَةِ إثْرَ بَيانِ حالِهِمْ في الدُّنْيا، وإمّا حالٌ مِنَ الواوِ أىْ: لِيَزْدادُوا إثْمًَا مُعَدًَّا لَهم عَذابٌ مُهِينٌ، وهَذا مُتَعَيِّنٌ عَلى القِراءَةِ الأخِيرَةِ.
{"ayah":"وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ خَیۡرࣱ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِثۡمࣰاۖ وَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











