الباحث القرآني

﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ﴾ كُرِّرَ لِبَيانِ أنَّ الِاسْتِبْشارَ المَذْكُورَ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ الخَوْفِ والحُزْنِ بَلْ بِهِ وبِما يُقارِنُهُ مِن نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ لا يُقادَرُ قَدْرُها وهي ثَوابُ أعْمالِهِمْ، وقَدْ جُوِّزَ أنْ يَكُونَ الأوَّلُ مُتَعَلِّقًَا بِحالِ "إخْوانِهِمْ" وهَذا بِحالِ أنْفُسِهِمْ بَيانًَا لِبَعْضِ ما أُجْمِلَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ . ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِـ"نِعْمَةٍ" مُؤَكِّدَةً لِما أفادَهُ التَّنْكِيرُ مِنَ الفَخامَةِ الذّاتِيَّةِ بِالفَخامَةِ الإضافِيَّةِ، أيْ: كائِنَةٍ مِنهُ تَعالى. ﴿وَفَضْلٍ﴾ أيْ: زِيادَةٍ عَظِيمَةٍ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوُا الحُسْنى وزِيادَةٌ﴾ . ﴿وَأنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ﴾ بِفَتْحِ "أنَّ" عَطْفٌ عَلى فَضْلٍ مُنْتَظَمٌ مَعَهُ في سِلْكِ المُسْتَبْشَرِ بِهِ، والمُرادُ بِالمُؤْمِنِينَ إمّا الشُّهَداءُ، والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِالمُؤْمِنِينَ لِلْإيذانِ بِسُمُوِّ رُتْبَةِ الإيمانِ وكَوْنِهِ مَناطًَا لِما نالُوهُ مِنَ السَّعادَةِ، وإمّا كافَّةُ أهْلِ الإيمانِ مِنَ الشُّهَداءِ وغَيْرِهِمْ، ذُكِرَتْ تَوْفِيَةُ أُجُورِهِمْ عَلى إيمانِهِمْ وعُدَّتْ مِن جُمْلَةِ ما يَسْتَبْشِرُ بِهِ الشُّهَداءُ بِحُكْمِ الأُخُوَّةِ في الدِّينِ. وقُرِئَ بِكَسْرِها عَلى أنَّهُ اسْتِئْنافٌ مُعْتَرِضٌ دالٌّ عَلى أنَّ ذَلِكَ أجْرٌ لَهم عَلى إيمانِهِمْ مُشْعِرٌ بِأنَّ مَن لا إيمانَ لَهُ أعْمالُهُ مُحْبَطَةٌ لا أجْرَ لَها، وفِيهِ مِنَ الحَثِّ عَلى الجِهادِ والتَّرْغِيبِ في الشَّهادَةِ والبَعْثِ عَلى ازْدِيادِ الطّاعَةِ وبُشْرى المُؤْمِنِينَ بِالفَلاحِ ما لا يَخْفى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب