الباحث القرآني
﴿أوَلَمّا أصابَتْكم مُصِيبَةٌ قَدْ أصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أنّى هَذا﴾ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ مَسُوقٌ لِإبْطالِ بَعْضِ ما صَدَرَ عَنْهم مِنَ الظُّنُونِ الفاسِدَةِ والأقاوِيلِ الباطِلَةِ النّاشِئَةِ مِنها إثْرَ إبْطالِ بَعْضٍ آخَرَ مِنها، والهَمْزَةُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّقْرِيرِ والواوُ عاطِفَةٌ لِمَدْخُولِها عَلى مَحْذُوفٍ قَبْلَها و "لَمّا" ظَرْفٌ لِـ ﴿قُلْتُمْ﴾ مُضافٌ إلى ما بَعْدَهُ و ﴿قَدْ أصَبْتُمْ﴾ في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِـ ﴿مُصِيبَةٌ﴾، و المُرادُ بِها: ما أصابَهم يَوْمَ أُحُدٍ مِن قَتْلِ سَبْعِينَ مِنهم و بِمِثْلَيْها ما أصابَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِن قَتْلِ سَبْعِينَ مِنهم وأسْرِ سَبْعِينَ، و "أنّى هَذا" مَقُولُ قُلْتُمْ، وتَوْسِيطُ الظَّرْفِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ بَيْنَهُ وبَيْنَ الهَمْزَةِ مَعَ أنَّهُ المَقْصُودُ إنْكارُهُ والمَعْطُوفُ بِالواوِ حَقِيقَةً لِتَأْكِيدِ النَّكِيرِ وتَشْدِيدِ التَّقْرِيعِ فَإنَّ فِعْلَ القَبِيحِ في غَيْرِ وقْتِهِ أقْبَحُ والإنْكارَ عَلى فاعِلِهِ أدْخَلُ والمَعْنى: أحِينَ أصابَكم مِنَ المُشْرِكِينَ نِصْفُ ما قَدْ أصابَهم مِنكم قَبْلَ ذَلِكَ جَزِعْتُمْ وقُلْتُمْ مِن أيْنَ أصابَنا هَذا؟! وقَدْ تَقَدَّمَ الوَعْدُ بِالنَّصْرِ عَلى تَوْجِيهِ الإنْكارِ والتَّقْرِيعِ إلى صُدُورِ ذَلِكَ القَوْلِ عَنْهم في (p-109)ذَلِكَ الوَقْتِ خاصَّةً بِناءً عَلى عَدَمِ كَوْنِهِ مَظِنَّةً لَهُ داعِيًَا إلَيْهِ بَلْ عَلى كَوْنِهِ داعِيًَا إلى عَدَمِهِ، فَإنَّ كَوْنَ مُصِيبَةِ عَدُوِّهِمْ ضِعْفَ مُصِيبَتِهِمْ مِمّا يُهَوِّنُ الخَطْبَ ويُورِثُ السَّلْوَةَ أوْ أفَعَلْتُمْ ما فَعَلْتُمْ ولَمّا أصابَتْكم غائِلَتُهُ قُلْتُمْ أنّى هَذا عَلى تَوْجِيهِ الإنْكارِ إلى اسْتِبْعادِهِمُ الحادِثَةَ مَعَ مُباشَرَتِهِمْ لِسَبَبِها، وتَذْكِيرُ اسْمِ الإشارَةِ في "أنّى هَذا" مَعَ كَوْنِهِ إشارَةً إلى المُصِيبَةِ لَيْسَ لِكَوْنِها عِبارَةً عَنِ القَتْلِ ونَحْوِهِ بَلْ لِما أنَّ إشارَتَهم لَيْسَتْ إلّا إلى ما شاهَدُوهُ في المَعْرَكَةِ مِن حَيْثُ هو هو مِن غَيْرِ أنْ يَخْطُرَ بِبالِهِمْ تَسْمِيَتُهُ بِاسْمٍ ما فَضْلًَا عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِاسْمِ المُصِيبَةِ وإنَّما هي عِنْدَ الحِكايَةِ وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾ أمْرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأنْ يُجِيبَ عَنْ سُؤالِهِمِ الفاسِدِ إثْرَ تَحْقِيقِ فَسادٍ بِالإنْكارِ والتَّقْرِيعِ ويُبَكِّتَهم أنَّ ما نالَهم إنَّما نالَهم مِن جِهَتِهِمْ بِتَرْكِهِمُ المَرْكَزَ وحِرْصِهِمْ عَلى الغَنِيمَةِ، وقِيلَ: بِاخْتِيارِهِمُ الخُرُوجَ مِنَ المَدِينَةِ ويَأْباهُ أنَّ الوَعْدَ بِالنَّصْرِ كانَ بَعْدَ ذَلِكَ كَما ذُكِرَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وعْدَهُ﴾ الآيَةِ وأنَّ عَمَلَ النَّبِيِّ ﷺ بِمُوجِبِهِ قَدْ رَفَعَ الخَطَرَ عَنْهُ وخَفَّفَ جِنايَتَهم فِيهِ عَلى أنَّ اخْتِيارَ الخُرُوجِ والإصْرارَ عَلَيْهِ كانَ مِمَّنْ أكْرَمَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِالشَّهادَةِ يَوْمَئِذٍ، وأيْنَ هم مِنَ التَّفَوُّهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الكَلِمَةِ؟! وقِيلَ: بِأخْذِهِمُ الفِداءَ يَوْمَ بَدْرٍ قَبْلَ أنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ، والأوَّلُ هو الأظْهَرُ الأقْوى وإنَّما يُعَضِّدُهُ تَوْسِيطُ خِطابِ الرَّسُولِ ﷺ بَيْنَ الخِطابَيْنِ المُتَوَجِّهَيْنِ إلى المُؤْمِنِينَ وتَفْوِيضُ التَّبْكِيتِ إلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإنَّ تَوْبِيخَ الفاعِلِ عَلى الفِعْلِ إذا كانَ مِمَّنْ نَهاهُ عَنْهُ كانَ أشَدَّ تَأْثِيرًَا.
﴿إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ومِن جُمْلَتِهِ النَّصْرُ عِنْدَ الطّاعَةِ والخِذْلانُ عِنْدَ المُخالَفَةِ وحَيْثُ خَرَجْتُمْ عَنِ الطّاعَةِ أصابَكم مِنهُ تَعالى ما أصابَكُمْ، والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِ ما قَبْلَها داخِلٌ تَحْتَ الأمْرِ.
{"ayah":"أَوَلَمَّاۤ أَصَـٰبَتۡكُم مُّصِیبَةࣱ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَیۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَـٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











