الباحث القرآني
﴿ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأثابَكُمْ﴾ والخِطابُ لِلْمُؤْمِنِينَ حَقًَّا.
﴿مِن بَعْدِ الغَمِّ﴾ أيِ: الغَمِّ المَذْكُورِ، والتَّصْرِيحُ بِتَأخُّرِ الإنْزالِ عَنْهُ مَعَ دِلالَةِ "ثُمَّ" عَلَيْهِ وعَلى تَراخِيهِ عَنْهُ لِزِيادَةِ البَيانِ وتَذْكِيرِ عِظَمِ النِّعْمَةِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ تابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وأصْلَحُوا﴾ الآيَةِ.
﴿أمَنَةً﴾ أيْ: أمْنًَا، نُصِبَ عَلى المَفْعُولِيَّةِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿نُعاسًا﴾ بَدَلٌ مِنها أوْ عَطْفُ بَيانٍ، وقِيلَ: مَفْعُولٌ لَهُ أوْ هو المَفْعُولُ، و ﴿أمَنَةً﴾ حالٌ مِنهُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ أوْ مَفْعُولٌ لَهُ أوْ حالٌ مِنَ المُخاطَبِينَ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ، أيْ: ذَوِي أمَنَةٍ أوْ عَلى أنَّهُ جَمْعُ آمِنٍ كَبارٍّ وبَرَرَةٍ. وقُرِئَ بِسُكُونِ المِيمِ كَأنَّها مَرَّةٌ مِنَ الأمْنِ، وتَقْدِيمُ الظَّرْفَيْنِ عَلى المَفْعُولِ الصَّرِيحِ لِما مَرَّ (p-101)غَيْرَ مَرَّةٍ مِنَ الاعْتِناءِ بِشَأْنِ المُقْدَّمِ والتَّشْوِيقِ إلى المُؤَخَّرِ، وتَخْصِيصُ الخَوْفِ مِن بَيْنِ فُنُونِ الغَمِّ بِالإزالَةِ لِأنَّهُ المُهِمُّ عِنْدَهم حِينَئِذٍ لِما أنَّ المُشْرِكِينَ لَمّا انْصَرَفُوا كانُوا يَتَوَعَّدُونَ المُسْلِمِينَ بِالرُّجُوعِ فَلَمْ يَأْمَنُوا كَرَّتَهم وكانُوا تَحْتَ الحَجَفِ مُتَأهِّبِينَ لِلْقِتالِ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمُ الأمَنَةَ فَأخَذَهُمُ النُّعاسُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أمَّنَهم يَوْمَئِذٍ بِنُعاسٍ تَغَشّاهم بَعْدَ خَوْفٍ، وإنَّما يَنْعَسُ مَن أمِنَ والخائِفُ لا يَنامُ. وقالَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ اشْتَدَّ الخَوْفُ فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْنا النَّوْمَ واللَّهِ إنِّي لَأسْمَعُ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ والنُّعاسُ يَغْشانِي ما أسْمَعُهُ إلّا كالحُلْمِ يَقُولُ: لَوْ كانَ لَنا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هَهُنا. وقالَ أبُو طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ لا أرى أحَدًَا مِنَ القَوْمِ إلّا وهو يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعاسِ، قالَ: وكُنْتُ مِمَّنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ النُّعاسُ يَوْمَئِذٍ فَكانَ السَّيْفُ يَسْقُطُ مِن يَدِي فَآخُذُهُ ثُمَّ يَسْقُطُ السَّوْطُ مِن يَدِي فَآخُذُهُ. وفِيهِ دِلالَةٌ عَلى أنَّ مِنَ المُؤْمِنِينَ مَن لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ النُّعاسُ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَغْشى طائِفَةً مِنكُمْ﴾ . قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هُمُ المُهاجِرُونَ وعامَّةُ الأنْصارِ ولا يَقْدَحُ ذَلِكَ في عُمُومِ الإنْزالِ لِلْكُلِّ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى أنَّها صِفَةٌ لِ "نُعاسًَا". وقُرِئَ بِالتّاءِ عَلى أنَّها صِفَةٌ لِ ﴿أمَنَةً﴾، وفِيهِ أنَّ الصِّفَةَ حَقُّها أنْ تَتَقَدَّمَ عَلى البَدَلِ وعَطْفِ البَيانِ وأنْ لا يُفْصَلَ بَيْنَها وبَيْنَ المَوْصُوفِ بِالمَفْعُولِ لَهُ وأنَّ المَعْهُودَ أنْ يُحَدَّثَ عَنِ البَدَلِ دُونَ المُبْدَلِ مِنهُ.
﴿وَطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتْهم أنْفُسُهُمْ﴾ أيْ: أوْقَعَتْهم في الهُمُومِ والأحْزانِ أوْ ما بِهِمْ إلّا هَمُّ أنْفُسِهِمْ، وقَصْدُ خَلاصِها مِن قَوْلِهِمْ: هَمَّنِي الشَّيْءُ، أيْ: كانَ مِن هِمَّتِي وقَصْدِي، والقَصْرُ مُسْتَفادٌ بِمَعُونَةِ المَقامِ، و "طائِفَةٌ" مُبْتَدَأٌ وما بَعْدَها إمّا خَبَرُها وإنَّما جازَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِها نَكِرَةً لِاعْتِمادِها عَلى واوِ الحالِ كَما في قَوْلِهِ:
سَرَيْنا ونَجْمٌ قَدْ أضاءَ فَمُذْ بَدا ... مُحَيّاكِ أخْفى ضَوْءُهُ كُلَّ شارِقِ
أوْ لِوُقُوعِها في مَوْضِعِ التَّفْصِيلِ كَما في قَوْلِهِ:
إذا ما بَكى مِن خَلْفِها انْصَرَفَتْ لَهُ بِشِقٍّ ... وشِقٌّ عِنْدَنا لَمْ يُحَوَّلِ
وَإمّا صِفَتُها والخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أيْ: ومَعَكم طائِفَةٌ أوْ وهُناكَ، وقِيلَ: تَقْدِيرُهُ: ومِنكم طائِفَةٌ، وفِيهِ أنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ المُنافِقِينَ في الخِطابِ بِإنْزالِ الأمَنَةِ، وأيًَّا ما كانَ؛ فالجُمْلَةُ إمّا حالِيَّةٌ مُبَيِّنَةٌ لِفَظاعَةِ الهَوْلِ مُؤَكِّدَةٌ لِعِظَمِ النِّعْمَةِ في الخَلاصِ عَنْهُ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا ويُتَخَطَّفُ النّاسُ مِن حَوْلِهِمْ﴾ وإمّا مُسْتَأْنِفَةٌ مَسُوقَةٌ لِبَيانِ حالِ المُنافِقِينَ وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ﴾ حالٌ مِن ضَمِيرِ ﴿أهَمَّتْهُمْ﴾ أوْ مِن "طائِفَةٌ" لِتَخَصُّصِها بِالصِّفَةِ أوْ صِفَةٌ أُخْرى لَها أوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أوِ اسْتِئْنافٌ مُبَيِّنٌ لِما قَبْلَهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿غَيْرَ الحَقِّ﴾ في حُكْمِ المَصْدَرِ، أيْ: يَظُنُّونَ بِهِ تَعالى غَيْرَ الظَّنِّ الحَقِّ الَّذِي يَجِبُ أنْ يُظَنَّ بِهِ سُبْحانَهُ وقَوْلُهُ تَعالى.
﴿ظَنَّ الجاهِلِيَّةِ﴾ بَدَلٌ مِنهُ وهو الظَّنُّ المُخْتَصُّ بِالمِلَّةِ الجاهِلِيَّةِ، والإضافَةُ كَما في حاتِمِ الجُودِ ورَجُلِ صِدْقٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَقُولُونَ﴾ بَدَلٌ مِن يَظُنُّونَ لِما أنَّ مَسْألَتَهم كانَتْ صادِرَةً عَنِ الظَّنِّ، أيْ: يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى صُورَةِ الِاسْتِرْشادِ.
﴿هَلْ لَنا مِنَ الأمْرِ﴾ أيْ: مِن أمْرِ اللَّهِ تَعالى ووَعْدِهِ مِنَ النَّصْرِ والظَّفَرِ.
﴿مِن شَيْءٍ﴾ أيْ: مِن نَصِيبٍ قَطُّ، أوْ هَلْ لَنا مِنَ التَّدْبِيرِ مِن شَيْءٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾ أيِ: الغَلَبَةَ بِالآخِرَةِ لِلَّهِ تَعالى ولِأوْلِيائِهِ، فَإنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الغالِبُونَ أوْ إنَّ التَّدْبِيرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، فَإنَّهُ تَعالى قَدْ دَبَّرَ الأمْرَ كَما جَرى في سابِقِ قَضائِهِ فَلا مَرَدَّ لَهُ. وقُرِئَ "كُلُّهُ" بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُخْفُونَ في أنْفُسِهِمْ﴾ أيْ: يُضْمِرُونَ فِيها أوْ يَقُولُونَ فِيما بَيْنَهم بِطَرِيقِ الخُفْيَةِ.
﴿ما لا يُبْدُونَ لَكَ﴾ اسْتِئْنافٌ أوْ حالٌ مِن ضَمِيرِ "يَقُولُونَ". وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الأمْرَ﴾ إلَخَّ اعْتِراضٌ بَيْنَ الحالِ وصاحِبِها، (p-102)أيْ: يَقُولُونَ ما يَقُولُونَ مُظْهِرِينَ أنَّهم مُسْتَرْشِدُونَ طالِبُونَ لِلنَّصْرِ مُبْطِنِينَ الإنْكارَ والتَّكْذِيبَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَقُولُونَ﴾ اسْتِئْنافٌ وقَعَ جَوابًَا عَنْ سُؤالٍ نَشَأ مِمّا قَبْلَهُ، كَأنَّهُ قِيلَ: أيُّ شَيْءٍ يُخْفُونَ؟ فَقِيلَ: يُحَدِّثُونَ أنْفُسَهم أوْ يَقُولُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ فِيما بَيْنَهم خُفْيَةً.
﴿لَوْ كانَ لَنا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ﴾ كَما وعَدَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن أنَّ الغَلَبَةَ لِلَّهِ تَعالى ولِأوْلِيائِهِ وأنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، أوْ لَوْ كانَ لَنا مِنَ التَّدْبِيرِ والرَّأْىِ شَيْءٌ.
﴿ما قُتِلْنا ها هُنا﴾ أيْ: ما غُلِبْنا أوْ ما قُتِلَ مَن قُتِلَ مِنّا في هَذِهِ المَعْرَكَةِ،، عَلى أنَّ النَّفْيَ راجِعٌ إلى نَفْسِ القَتْلِ لا إلى وُقُوعِهِ فِيها فَقَطْ، ولَما بَرِحْنا مِن مَنازِلِنا كَما رَآهُ ابْنُ أُبَيٍّ، ويُؤَيِّدُهُ تَعْيِينُ مَكانِ القَتْلِ وكَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ في بُيُوتِكُمْ﴾ أيْ: لَوْ لَمْ تَخْرُجُوا إلى أُحُدٍ وقَعَدْتُمْ بِالمَدِينَةِ كَما يَقُولُونَ.
﴿لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ﴾ أيْ: في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ بِسَبَبٍ مِنَ الأسْبابِ الدّاعِيَةِ إلى البُرُوزِ.
﴿إلى مَضاجِعِهِمْ﴾ إلى مَصارِعِهِمُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ تَعالى قَتْلَهم فِيها وقُتِلُوا هُنالِكَ البَتَّةَ ولَمْ تَنْفَعِ العَزِيمَةُ عَلى الإقامَةِ بِالمَدِينَةِ قَطْعًَا، فَإنَّ قَضاءَ اللَّهِ تَعالى لا يُرَدُّ وحُكْمَهُ لا يُعَقَّبُ، وفِيهِ مُبالَغَةٌ في رَدِّ مَقالَتِهِمِ الباطِلَةِ حَيْثُ لَمْ يُقْتَصَرْ عَلى تَحْقِيقِ نَفْسِ القَتْلِ كَما في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ﴾ بَلْ عُيِّنَ مَكانُهُ أيْضًَا، ولا رَيْبَ في تَعَيُّنِ زَمانِهِ أيْضًَا لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا جاءَ أجَلُهم لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ . رُوِيَ أنَّ مَلَكَ المَوْتِ حَضَرَ مَجْلِسَ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَنَظَرَ إلى رَجُلٍ مِن أهْلِ المَجْلِسِ نَظْرَةً هائِلَةً فَلَمّا قامَ، قالَ الرَّجُلُ: مَن هَذا؟ فَقالَ سُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَّلامُ: مَلَكُ المَوْتِ، قالَ: أرْسِلْنِي مَعَ الرِّيحِ إلى عالَمٍ آخَرَ فَإنِّي رَأيْتُ مِنهُ مَرْأىً هائِلًَا فَأمَرَها عَلَيْهِ السَّلامُ فَألْقَتْهُ في قُطْرٍ سَحِيقٍ مِن أقْطارِ العالَمِ، فَما لَبِثَ أنْ عادَ مَلَكُ المَوْتِ إلى سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ: كُنْتُ أُمِرْتُ بِقَبْضِ رُوحِ ذَلِكَ الرَّجُلِ في هَذِهِ السّاعَةِ في أرْضِ كَذا فَلَمّا وجَدْتُهُ في مَجْلِسِكَ قُلْتُ مَتى يَصِلُ هَذا إلَيْها وقَدْ أرْسَلْتَهُ بِالرِّيحِ إلى ذَلِكَ المَكانِ فَوَجَدْتُهُ هُناكَ فَقُضِيَ أمْرُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ في زَمانِهِ ومَكانِهِ مِن غَيْرِ إخْلالٍ بِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ. وقُرِئَ "كَتَبَ" عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ ونَصْبِ القَتْلِ. وقُرِئَ "كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ". وقُرِئَ "لَبُرِّزَ" بِالتَّشْدِيدِ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ.
﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما في صُدُورِكُمْ﴾ أيْ: لِيُعامِلَكم مُعامَلَةَ مَن يَبْتَلِي ما في صُدُورِكم مِنَ الإخْلاصِ والنِّفاقِ ويُظْهِرَ ما فِيها مِنَ السَّرائِرِ، وهو عِلَّةٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ قَبْلَها مَعْطُوفَةٌ عَلى عِلَلٍ لَها أُخْرى مَطْوِيَّةٍ لِلْإيذانِ بِكَثْرَتِها، كَأنَّهُ قِيلَ: فَعَلَ ما فَعَلَ لِمَصالِحَ جَمَّةٍ ولِيَبْتَلِيَ إلَخْ وجَعْلُها عِلَلًَا لِ بَرَزَ يَأْباهُ الذَّوْقُ السَّلِيمُ، فَإنَّ مُقْتَضى المَقامِ بَيانُ حِكْمَةِ ما وقَعَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الشِّدَّةِ والهَوْلِ لا بَيانُ حِكْمَةِ البُرُوزِ المَفْرُوضِ أوْ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ بَعْدَها، أيْ: ولِلِابْتِلاءِ المَذْكُورِ فَعَلَ ما فَعَلَ لا لِعَدَمِ العِنايَةِ بِأمْرِ المُؤْمِنِينَ ونَحْوِ ذَلِكَ وتَقْدِيرُ الفِعْلِ مُقَدَّمًَا خالٍ عَنْ هَذِهِ المَزِيَّةِ.
﴿وَلِيُمَحِّصَ ما في قُلُوبِكُمْ﴾ مِن مَخْفِيّاتِ الأُمُورِ ويَكْشِفَها أوْ يُخَلِّصَها مِنَ الوَساوِسِ.
﴿واللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ أيِ: السَّرائِرِ والضَّمائِرِ الخَفِيَّةِ الَّتِي لا تَكادُ تُفارِقُ الصُّدُورَ بَلْ تُلازِمُها وتُصاحِبُها، والجُمْلَةُ إمّا اعْتِراضٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى غَنِيٌّ عَنِ الابْتِلاءِ وإنَّما يُبْرِزُ صُورَةَ الِابْتِلاءِ لِتَمْرِينِ المُؤْمِنِينَ وإظْهارِ حالِ المُنافِقِينَ أوْ حالٌ مِن مُتَعَلِّقِ الفِعْلَيْنِ، أيْ: فَعَلَ ما فَعَلَ لِلِابْتِلاءِ والتَّمْحِيصِ، والحالُ أنَّهُ تَعالى غَنِيٌّ عَنْهُما مُحِيطٌ بِخَفِيّاتِ الأُمُورِ وفِيهِ وعْدٌ ووَعِيدٌ.
{"ayah":"ثُمَّ أَنزَلَ عَلَیۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةࣰ نُّعَاسࣰا یَغۡشَىٰ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنكُمۡۖ وَطَاۤىِٕفَةࣱ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ یَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَیۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِۖ یَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَیۡءࣲۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ یُخۡفُونَ فِیۤ أَنفُسِهِم مَّا لَا یُبۡدُونَ لَكَۖ یَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءࣱ مَّا قُتِلۡنَا هَـٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِی بُیُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِینَ كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِیَبۡتَلِیَ ٱللَّهُ مَا فِی صُدُورِكُمۡ وَلِیُمَحِّصَ مَا فِی قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق