الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوُا الرِّبا﴾ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ مُشْتَمِلٌ عَلى ما هو مِلاكُ الأمْرِ في كُلِّ بابٍ لا سِيَّما في بابِ الجِهادِ مِنَ التَّقْوى والطّاعَةِ وما بَعْدَهُما مِنَ الأُمُورِ المَذْكُورَةِ عَلى نَهْجِ التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ جِيءَ بِهِ في تَضاعِيفِ القِصَّةِ مُسارَعَةً إلى إرْشادِ المُخاطَبِينَ إلى ما فِيهِ وإيذانًَا بِكَمالِ وُجُوبِ المُحافَظَةِ عَلَيْهِ فِيما هم فِيهِ مِنَ الجِهادِ، فَإنَّ الأُمُورَ المَذْكُورَةَ فِيهِ مَعَ كَوْنِها مَناطًَا لِلْفَوْزِ في الدّارَيْنِ عَلى الإطْلاقِ عُمْدَةٌ في أمْرِ الجِهادِ عَلَيْها يَدُورُ فَلَكُ النُّصْرَةِ والغَلَبَةِ، كَيْفَ لا؟! ولَوْ حافَظُوا عَلى الصَّبْرِ والتَّقْوى وطاعَةِ الرَّسُولِ ﷺ لَما لَقُوا ما لَقُوا، ولَعَلَّ إيرادَ النَّهْيِ عَنِ الرِّبا في أثْنائِها لِما أنَّ التَّرْغِيبَ في الإنْفاقِ في السَّرّاءِ والضَّرّاءِ الَّذِي عُمْدَتُهُ الإنْفاقُ في سَبِيلِ الجِهادِ مُتَضَمِّنٌ لِلتَّرْغِيبِ في تَحْصِيلِ المالِ فَكانَ مَظِنَّةَ مُبادَرَةِ النّاسِ إلى طُرُقِ الِاكْتِسابِ ومِن جُمْلَتِها الرِّبا فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، والمُرادُ بِأكْلِهِ: أخْذُهُ، وإنَّما عُبِّرَ عَنْهُ بِالأكْلِ لِما أنَّهُ مُعْظَمُ ما يُقْصَدُ بِالأخْذِ ولِشُيُوعِهِ في المَأْكُولاتِ مَعَ ما فِيهِ مِن زِيادَةِ تَشْنِيعٍ. وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أضْعافًا مُضاعَفَةً﴾ لَيْسَ لِتَقْيِيدِ النَّهْيِ بِهِ بَلْ لِمُراعاةِ ما كانُوا عَلَيْهِ مِنَ العادَةِ تَوْبِيخًَا لَهم بِذَلِكَ؛ إذْ كانَ الرَّجُلُ يُرْبِي إلى أجَلٍ فَإذا حَلَّ قالَ لِلْمَدِينِ: زِدْنِي في المالِ حَتّى أزِيدَكَ في الأجَلِ فَيَفْعَلُ، وهَكَذا عِنْدَ مَحَلِّ كُلِّ أجَلٍ فَيَسْتَغْرِقُ بِالشَّيْءِ الطَّفِيفِ مالَهُ بِالكُلِّيَّةِ، ومَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلى الحالِيَّةِ مِنَ الرِّبا، وقُرِئَ "مُضَعَّفَةً". ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ فِيما نُهِيتُمْ عَنْهُ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها الرِّبا. ﴿لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ راجِينَ لِلْفَلاحِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب