الباحث القرآني

﴿وَقالَ﴾ أيْ: إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ مُخاطِبًا لَهم ﴿إنَّما اتَّخَذْتُمْ مِن دُونِ اللَّهِ أوْثانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكم في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ: لِتَتَوادُّوا بَيْنَكُمْ، وتَتَواصَلُوا لِاجْتِماعِكم عَلى عِبادَتِها، وائْتِلافِكُمْ، وثانِي مَفْعُولَيِ اتَّخَذْتُمْ مَحْذُوفٌ، أيْ: أوْثانًا آلِهَةً، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ "مَوَدَّةَ" هو المَفْعُولَ بِتَقْدِيرِ المُضافِ، أوْ بِتَأْوِيلِها بِالمَوْدُودَةِ، أوْ يَجْعَلُها نَفْسَ المَوَدَّةِ مُبالَغَةً، أيِ: اتَّخَذْتُمْ أوْثانًا سَبَبَ المَوَدَّةِ (p-37)بَيْنَكم. أوْ مَوْدُودَةً أوْ نَفْسَ المَوَدَّةِ، وقُرِئَ: (مَوَدَّةً) مُنَوَّنَةً مَنصُوبَةً ناصِبَةَ الظَّرْفِ، وقُرِئَتْ بِالرَّفْعِ والإضافَةِ عَلى أنَّها خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: هي مَوْدُودَةٌ، أوْ نَفْسُ المَوَدَّةِ، أوْ سَبَبُ مَوَدَّةِ بَيْنِكُمْ، والجُمْلَةُ صِفَةُ أوْثانًا، أوْ خَبَرُ إنَّ عَلى أنَّ ما مَصْدَرِيَّةٌ، أوْ مَوْصُولَةٌ. قَدْ حُذِفَ عائِدُها وهو المَفْعُولُ الأوَّلُ، وقُرِئَتْ مَرْفُوعَةً مُنَوَّنَةً، ومُضافَةً بِفَتْحِ بَيْنِكم كَما قُرِئَ: (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) عَلى أحَدِ الوَجْهَيْنِ. وقُرِئَ: (إنَّما مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ) والمَعْنى أنَّ اتِّخاذَكم إيّاها مَوَدَّةَ بَيْنِكم لَيْسَ إلّا في الحَياةِ، وقَدْ أجْرَيْتُمْ أحْكامَهُ حَيْثُ فَعَلْتُمْ بِي ما فَعَلْتُمْ لِأجْلِ مَوَدَّتِكم لَها انْتِصارًا مِنِّي، كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ﴾ . ﴿ثُمَّ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ تَنْقِلَبُ الأُمُورُ، ويَتَبَدَّلُ التَّوادُّ تَباغُضًا، والتَّلاطُفُ تَلاعُنًا حَيْثُ ﴿يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ﴾ وهُمُ العَبَدَةُ. ﴿بِبَعْضٍ﴾ وهُمُ الأوْثانُ. ﴿وَيَلْعَنُ بَعْضُكم بَعْضًا﴾ أيْ: يَلْعَنُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنكُمْ، ومِنَ الأوْثانِ. حَيْثُ يُنْطِقُها اللَّهُ تَعالى الفَرِيقَ الآخَرَ. ﴿وَمَأْواكُمُ النّارُ﴾ أيْ: هي مَنزِلُكُمُ الَّذِي تَأْوُونَ إلَيْهِ، ولا تَرْجِعُونَ مِنهُ أبَدًا. ﴿وَما لَكم مِن ناصِرِينَ﴾ يُخَلِّصُونَكم مِنها كَما خَلَّصَنِي رَبِّي مِنَ النّارِ الَّتِي ألْقَيْتُمُونِي فِيها، وجَمْعُ النّاصِرِ لِوُقُوعِهِ في مُقابَلَةِ الجَمْعِ أيْ: ما لِأحَدٍ مِنكم مِن ناصِرٍ أصْلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب