الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ﴾ أيِ: التَّوْراةَ. ﴿مِن بَعْدِ ما أهْلَكْنا القُرُونَ الأُولى﴾ هم أقْوامُ نُوحٍ وهُودٍ وصالِحٍ ولُوطٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، والتَّعَرُّضُ لِبَيانِ كَوْنِ إيتائِها بَعْدَ إهْلاكِهِمْ لِلْإشْعارِ بِمِساسِ الحاجَةِ الدّاعِيَةِ إلَيْهِ، تَمْهِيدًا لِما يَعْقُبُهُ مِن بَيانِ الحاجَةِ الدّاعِيَةِ إلى إنْزالِ القرآن الكَرِيمِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإنَّ إهْلاكَ القُرُونِ الأُولى مِن مُوجِباتِ انْدِراسِ مَعالِمِ الشَّرائِعِ، وانْطِماسِ آثارِها وأحْكامِها المُؤَدِّيَيْنِ إلى اخْتِلالِ نِظامِ العالَمِ، وفَسادِ أحْوالِ الأُمَمِ المُسْتَدْعِيَيْنِ لِلتَّشْرِيعِ الجَدِيدِ، بِتَقْرِيرِ الأُصُولِ الباقِيَةِ عَلى مَرِّ الدُّهُورِ، وتَرْتِيبِ الفُرُوعِ المُتَبَدِّلَةِ بِتَبَدُّلِ العُصُورِ، وتَذْكِيرِ أحْوالِ الأُمَمِ الخالِيَةِ المُوجِبَةِ لِلِاعْتِبارِ كَأنَّهُ قِيلَ: ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى التَّوْراةَ عَلى حِينِ حاجَةٍ إلى إيتائِها. ﴿بَصائِرَ لِلنّاسِ﴾ أيْ: أنْوارًا لِقُلُوبِهِمْ، تُبْصِرُ بِها الحَقائِقَ، وتُمَيِّزُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، حَيْثُ كانَتْ عُمْيًا عَنِ الفَهْمِ والإدْراكِ بِالكُلِّيَّةِ فَإنَّ البَصِيرَةَ نُورُ القَلْبِ الَّذِي بِهِ يَسْتَبْصِرُ كَما أنَّ البَصَرَ نُورُ العَيْنِ الَّذِي بِهِ تُبْصِرُ. ﴿وَهُدًى﴾ أيْ: هِدايَةً إلى الشَّرائِعِ والأحْكامِ الَّتِي هي سُبُلُ اللَّهِ تَعالى. ﴿وَرَحْمَةً﴾ حَيْثُ يَنالُ مَن عَمِلَ بِهِ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعالى. وانْتِصابُ الكُلِّ عَلى الحالِيَّةِ مِنَ الكِتابِ عَلى أنَّهُ نَفْسُ البَصائِرِ والهُدى والرَّحْمَةِ، أوْ عَلى حَذْفِ المُضافِ، أيْ: ذا بَصائِرَ ... إلَخْ. وقِيلَ: عَلى العِلَّةِ، أيْ: آتَيْناهُ الكِتابَ لِلْبَصائِرِ والهُدى والرَّحْمَةِ. ﴿لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ لِيَكُونُوا عَلى حالٍ يُرْجى مِنهُ التَّذَكُّرُ، وقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُ القَوْلِ في ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ مِن سُورَةِ البَقَرَةِ، وقَوْلُهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب