﴿قالُوا اطَّيَّرْنا﴾ أصْلُهُ: "تَطَيَّرْنا"، والتَّطَيُّرُ: التَّشاؤُمُ، عُبِّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِما أنَّهم كانُوا إذا خَرَجُوا مُسافِرِينَ فَيَمُرُّونَ بِطائِرٍ يَزْجُرُونَهُ فَإنْ مَرَّ سانِحًا تَيَمَّنُوا وإنْ مَرَّ بارِحًا تَشاءَمُوا، فَلَمّا نَسَبُوا الخَيْرَ والشَّرَّ إلى الطّائِرِ اسْتُعِيرَ لِما كانَ سَبَبًا لَهُما مِن قَدَرِ اللَّهِ تَعالى وقِسْمَتِهِ أوْ مِن عَمَلِ العَبْدِ، أيْ: تَشاءَمْنا ﴿بِكَ وبِمَن مَعَكَ﴾ في دِينِكَ حَيْثُ تَتابَعَتْ عَلَيْنا الشَّدائِدُ وقَدْ كانُوا قَحَطُوا، أولم نَزَلْ في اخْتِلافٍ وافْتِراقٍ مُذُ اخْتَرَعْتُمْ دِينَكم.
﴿قالَ طائِرُكُمْ﴾ أيْ: سَبَبُكُمُ الَّذِي مِنهُ يَنالُكم ما يَنالُكم مِنَ الشَّرِّ ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ وهو قَدْرُهُ، أوْ عَمَلُكُمُ المَكْتُوبُ عِنْدَهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ أيْ: تُخْتَبَرُونَ بِتَعاقُبِ السَّرّاءِ والضَّرّاءِ، أوْ تُعَذَّبُونَ، أوْ يَفْتِنَكُمُ الشَّيْطانُ بِوَسْوَسَتِهِ إلَيْكُمُ الطِّيَرَةَ إضْرابٌ مِن بَيانِ طائِرِهِمُ الَّذِي هو مَبْدَأٌ ما يَحِيقُ بِهِمْ إلى ذِكْرِ ما هو الدّاعِي إلَيْهِ.
{"ayah":"قَالُوا۟ ٱطَّیَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰۤىِٕرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمࣱ تُفۡتَنُونَ"}