﴿ألا تَعْلُوا عَلَيَّ﴾ "أنْ" مُفَسِّرَةٌ، و"لا" ناهِيَةٌ، أيْ: لا تَتَكَبَّرُوا كَما يَفْعَلُ جَبابِرَةُ المُلُوكِ، وقِيلَ: مَصْدَرِيَّةٌ ناصِبَةٌ لِلْفِعْلِ، و"لا" نافِيَةٌ مَحَلُّها الرَّفْعُ عَلى أنَّها مِن كِتابٍ، أوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ يَلِيقُ بِالمَقامِ، أيْ: مَضْمُونُهُ أنْ لا تَعْلُوا، أوِ النَّصْبُ بِإسْقاطِ الخافِضِ، أيْ: بِأنْ لا تَعْلُوا عَلَيَّ. وقُرِئَ: "أنْ لا تَغْلُوا" بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ، أيْ: لا تُجاوِزُوا حَدَّكم.
﴿وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ أيْ: مُؤْمِنِينَ، وقِيلَ: مُنْقادِينَ، والأوَّلُ هو الألْيَقُ بِشَأْنِ النَّبِيِّ ﷺ عَلى أنَّ الإيمانَ مُسْتَتْبَعٌ لِلِانْقِيادِ حَتْمًا. رُوِيَ أنَّ نُسْخَةَ الكِتابِ مِن عَبْدِ اللَّهِ سُلَيْمانَ بْنِ داوُدَ إلى بِلْقِيسَ مَلِكَةِ سَبَأٍ: "السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى، أمّا بَعْدُ فَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وائْتُونِي مُسْلِمِينَ"، ولَيْسَ الأمْرُ فِيهِ بِالإسْلامِ قَبْلَ إقامَةِ الحُجَّةِ عَلى رِسالَتِهِ حَتّى يُتَوَهَّمَ كَوْنُهُ اسْتِدْعاءً لِلتَّقْلِيدِ، فَإنَّ إلْقاءَ الكِتابِ إلَيْها عَلى تِلْكَ الحالَةِ مُعْجِزَةٌ باهِرَةٌ دالَّةٌ عَلى رِسالَةِ مُرْسِلِها دَلالَةً بَيِّنَةً.
{"ayah":"أَلَّا تَعۡلُوا۟ عَلَیَّ وَأۡتُونِی مُسۡلِمِینَ"}