الباحث القرآني

(سُورَةُ النَّمْلِ مَكِّيَّةٌ وهي ثَلاثٌ أوْ أرْبَعٌ وتِسْعُونَ آيَةً ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿طس﴾ بِالتَّفْخِيمِ، وقُرِئَ بِالإمالَةِ. والكَلامُ فِيهِ كالَّذِي مَرَّ في نَظائِرِهِ مِنَ الفَواتِحِ الشَّرِيفَةِ، ومَحَلُّهُ - عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ اسْمًا لِلسُّورَةِ وهو الأظْهَرُ الأشْهَرُ - الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: هَذا " طس" أيْ: مُسَمّى بِهِ، والإشارَةُ إلَيْهِ قَبْلَ ذِكْرِهِ قَدْ مَرَّ وجْهُها في فاتِحَةِ (سُورَةِ يُونُسَ ) وغَيْرِها، ورَفْعُهُ بِالِابْتِداءِ عَلى أنَّ ما بَعْدَهُ خَبَرُهُ ضَعِيفٌ لِما ذُكِرَ هُناكَ. ﴿تِلْكَ﴾ إشارَةٌ إلى نَفْسِ السُّورَةِ لِأنَّها الَّتِي نَوَّهَتْ بِذِكْرِ اسْمِها لا إلى آياتِها لِعَدَمِ ذِكْرِها صَرِيحًا لِأنَّ إضافَتَها إلَيْها تَأْبى إضافَتَها إلى القرآن كَما سَيَأْتِي. وما في اسْمِ الإشارَةِ مِن مَعْنى البُعْدِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ بِالمُشارِ إلَيْهِ لِلْإيذانِ بِبُعْدِ مَنزِلَتِهِ في الفَضْلِ والشَّرَفِ، ومَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلى الِابْتِداءِ خَبَرُهُ ﴿آياتُ القرآن﴾ والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما أفادَهُ التَّسْمِيَةُ مِن نَباهَةِ شَأْنِ المُسَمّى. والقرآن عِبارَةٌ عَنِ الكُلِّ، أوْ عَنِ الجَمِيعِ المُنَزَّلِ عِنْدَ نُزُولِ السُّورَةِ حَسَبَما ذُكِرَ في فاتِحَةِ الكِتابِ، أيْ: تِلْكَ السُّورَةُ آياتُ القرآن المَعْرُوفِ بِعُلُوِّ الشَّأْنِ، أيْ: بَعْضٌ مِنهُ مُتَرْجَمٌ مُسْتَقِلٌّ بِاسْمٍ خاصٍّ. ﴿وَكِتابٍ﴾ أيْ: كِتابٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ ﴿مُبِينٍ﴾ مُظْهِرٌ لِما في تَضاعِيفِهِ مِنَ الحُكْمِ والأحْكامِ وأحْوالِ الآخِرَةِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها الثَّوابُ والعِقابُ، أوْ لِسَبِيلِ الرُّشْدِ والغَيِّ، أوْ فارِقٍ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ والحَلالِ والحَرامِ، أوْ ظاهِرُ الإعْجازِ عَلى أنَّهُ مِن أبانَ بِمَعْنى بانَ، ولَقَدْ فَخَّمَ شَأنَهُ الجَلِيلَ بِما جَمَعَ فِيهِ مِن وصْفِ القرآنيَّةِ المُنْبِئَةِ عَنْ كَوْنِهِ بَدِيعًا في بابِهِ مُمْتازًا عَنْ غَيْرِهِ بِالنَّظْمِ المُعْجِزِ كَما يُعْرِبُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾، ووَصْفُ الكِتابِيَّةِ المُعْرِبَةِ عَنِ اشْتِمالِهِ عَلى صِفاتِ كَمالِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ فَكَأنَّهُ كُلُّها، وقَدَّمَ الوَصْفَ الأوَّلَ هَهُنا نَظَرًا إلى تَقَدُّمِ حالِ القرآنيَّةِ عَلى (p-272)حالِ الكِتابِيَّةِ، وعَكَسَ في (سُورَةِ الحِجْرِ ) نَظَرًا إلى ما ذُكِرَ هُناكَ مِنَ الوَجْهِ. وما قِيلَ مِن أنَّ الكِتابَ هو اللَّوْحُ المَحْفُوظُ وإبانَتُهُ أنَّهُ خَطَّ فِيهِ ما هو كائِنٌ فَهو يُبَيِّنُهُ لِلنّاظِرِينَ فِيهِ لا يُساعِدُهُ إضافَةُ الآياتِ إلَيْهِ إذْ لا عَهْدَ بِاشْتِمالِهِ عَلى الآياتِ، ولا وصْفِهِ بِالهِدايَةِ والبِشارَةِ إذْ هُما بِاعْتِبارِ إبانَتِهِ فَلا بُدَّ مِنِ اعْتِبارِها بِالنِّسْبَةِ إلى النّاسِ الَّذِينَ مِن جُمْلَتِهِمُ المُؤْمِنُونَ إلّا إلى النّاظِرِينَ فِيهِ. وقُرِئَ: "وَكِتابُ" بِالرَّفْعِ عَلى حَذْفِ المُضافِ وإقامَةِ المُضافِ إلَيْهِ مَقامَهُ، أيْ: وآياتُ كِتابٍ مُبِينٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب